عبد الله جلال يكتب: تطوير الثانوية العامة والأمن القومى
العميد السابق لكلية التكنولوجيا والتعليم - جامعة حلوان
لقد سَئمنا من مصطلح ” تطوير الثانوية العامة” حيث إنه تكرر كثيرا فى اخر ثلاثون عاماً دون ان نعلم مااثر هذا التطوير على حياتنا واقتصادنا وماهى المشكلات التى ظهرت فى التطوير السابق حتى نقترح تطويراً جديداً ثم بعد كام عام نرى وزارة جديدة تطلب تطوير اخر للثانوية العامة وهكذا وهى حلقة مفرغة لاتنتهى. حتى وصل الامر الى بين كل تغيير وتغيير فى نظام ومناهج الثانوية العامة حوالى ٥ سنوات او اقل وهذا خطأ فادح علميا.
الثانوية العامة سنة ٩٠
لقد انتجت الثانوية العامة القديمة (قبل سنة ٩٠) علماء ومبدعين فى كافة المجالات سواء كان فى مجال العلوم الانسانية او فى مجال العلوم الهندسية او فى مجال العلوم الطبية والأمثلة كثيرة ولاتحتاج الى برهان او إثبات. وماكان ينقصها آنذاك الا قليلاً من التكنولوجيا، قليلاً من الحذف، مع إضافة تحسينات قليلة على البيئة التعليمية.
من الذى اخترع مصطلح تطوير الثانوية العامة، لقد اوقع البلاد والعباد فى دوامة المعاناة التى لاتنتهى وأتعس الدولة كلها وتركها تخترع افكار غريبة بغرض الخروج من دوامة التطوير السابق والتى سوف تثبت فشلها وسوف تقود الى حلقة جديدة من الحلقات التى لاتنتهى من مصطلح تطوير الثانوية العامة، وهذا سوف يؤدى الى مزيد من الانحدار مع قتل التميز والابداع كما نرى فى قلة الكفاءات فى جميع مجالات الحياة لدينا.
لانريد هذة الطريقة من التطوير لإنها ليست تطويراً بالمرة، وانما هى طريقة لضياع أجيال مما يهدد مستقبل هذا البلد العظيم.
من يريد التطوير فلا يذهب الى ترحيل موضوعات دراسية من الصف الثالث الثانوى الى الصف الثالث الاعدادى مثلا ، ولا يذهب الى تغيير طريقة الامتحان من مقالى الى إختيار من متعدد ، ولايذهب الى حذف مقررات مهمة مثل علم النفس وعلم الاجتماع والفلسفة والميكانيكا التطبيقية واللغة الثانية وغيرها.
مشكلة الثانوية العامة
فى رأيى ان مشكلة الثانوية العامة هى فى ثلاث عناصر، جودة التعليم، ولى الامر، اصحاب الاعمال ويجب العمل على هذة العناصر مجتمعة فى آن واحد. لذا من يريد التطوير الحقيقى عليه بالاتى :-
- دراسة المشكلات التى ظهرت فى المجتمع وفى سوق العمل بطريقة علمية وبحثية سليمة وتتطلب تغييرا فى نظام الثانوية العامة.
- طرح الموضوع للنقاش المجتمعى من المتخصصين وأولياء الامور وأصحاب الاعمال والمجلس القومى للشباب والمجلس القومى للمرأة والبحوث القضائية والشرطية وغيرها من الهيئات ذات الصلة.
- تثبيت وضع معين من الثانوية العامة وليكن قبل وزارة د. طارق شوقى.
- تجويد العملية التعليمية وإعطاء المدرسة ادوات حقيقية لتطبيق جودة التعليم مع تحسين البيئة التعليمية للمنظومة.
- إنشاء مقياس مستقل يقاس عليه أثر هذا التطوير وتعديل اى اثر سلبى قد يطرأ.
- الثبات على تطبيق التجربة مدة لاتقل عن 10 سنوات حتى نستطيع قياس الأثر فى سوق العمل.
- إقناع اولياء الامور والاعلام المرئى والمسموع لدعم تجويد التعليم لإنجاح تجربة التطوير الجديدة هذه ، وإقناعهم بأن هذا التجويد فى العملية التعليمية سيزيد من الناتج القومى للدولة مما يؤدى الى انخفاض الاسعار.
واخيراً ليعلم الجميع أن قضية الثانوية العامة هى قضية أمن قومى ولايجب العبث او الترجل فيها، حيث تمثل الثانوية العامة عصب الدولة ومنها تتشكل الحكومات والوزراء وقادة الجيوش والقضاة ورؤساء الجامعات وأصحاب الرأى والمشورة فى كل دول العالم، لذا أى خطأ فى الثانوية العامة سيؤدى الى ضياع المستقبل. حمى الله مصر من كل مكروه وسوء.