هبة وصفي تكتب : “درع الجنيه” في كوتشيلا: فنّ أم فتنة؟ محمد رمضان يثير زلزالًا ثقافيًا برموز مشفّرة وعاصفة قانونية!
هبة وصفي&كاتبة وصحفية

من مهرجان كوتشيلا في الولايات المتحدة، وتحت أضواء مسرح عالمي، صعد الفنان المصري محمد رمضان مرتديًا بدلة معدنية مصنوعة بالكامل من الجنيهات المصرية، مصمّمة على هيئة درع فرعوني مفتوح الصدر. المشهد بدا في ظاهره استعراضًا فنيًا، لكنه سرعان ما تحوّل إلى جدل ضخم يتقاطع فيه الفن بالقانون، والرمز بالهوية، والموضة برسائل سياسية وثقافية غير بريئة.

درع… أم بيان رمزي؟
البدلة التي أثارت العاصفة صمّمتها المصرية فريدة تمراز، المعروفة عالميًا بتصاميمها الفاخرة، وربطت الجنيهات المصرية بأسلوب شبكي معدني، وُصف بأنه أقرب لـ”الصدرية النسائية”، ما دفع كثيرين لربط التصميم بما يُعرف عالميًا بـ“تسييل الهوية الجندرية” (Gender Fluidity)، أي تجاوز التصنيفات التقليدية بين الذكر والأنثى في المظهر والسلوك.
السؤال الذي طرح نفسه بقوة:
هل ما فعله رمضان مجرد اقتباس من الموضة الغربية؟ أم أنه يخضع لتوجيهات رمزية أكثر عمقًا… وربما أكثر إثارة للريبة؟

العملة المصرية: فن أم إهانة؟
ورغم كل ما أُثير حول الجوانب الجمالية أو الرمزية، يبقى الجانب القانوني هو الأكثر خطورة.
بحسب قانون البنك المركزي المصري (مادة 226)، فإن تشويه العملة أو استخدامها خارج إطارها القانوني يُعد جريمة يُعاقب عليها بغرامة تصل إلى 100 ألف جنيه.
أما المادة 361 من قانون العقوبات، فتنص على أن الإتلاف العمدي لأموال الغير يُعاقب عليه بالحبس أو الغرامة.
هل بدلة رمضان تدخل في نطاق “الابتكار”؟ أم تُعدّ خرقًا للقانون وتشويهًا لرمز سيادي لا يجوز المساس به؟

رموز تتكرر… “العين”، “المثلث”، والآن “الدرع”
هذه ليست سابقة رمضانية في اللعب بالرموز. فقد ظهر سابقًا في كليباته بإشارات تُشبه “العين داخل المثلث”، وهي من رموز الماسونية الشهيرة.
واليوم، يقف في مهرجان عالمي يدعم التنوع واللامعيارية، مرتديًا درعًا يحمل ملامح الفرعونية، ومرصعًا بعملة وطنية، بطريقة فتحت باب التكهنات حول مغزى التوقيت والمكان والرمز معًا.
هل ما يحدث مجرد تكرار للصدف؟
أم أننا أمام حدث فني محمّل برسائل ناعمة تتجاوز الشكل إلى جوهر ثقافي مُسيّس؟

المصممة توضح… لكن الغموض مستمر
في تصريحاتها، قالت المصممة فريدة تمراز إن التصميم مستوحى من شخصية “ملك فرعوني محارب”، وإن هدفها كان تجسيد الهوية المصرية القوية في أول مشاركة عربية رسمية بتاريخ مهرجان كوتشيلا.
وأضافت أن اختيارها لتصميم البدلة جاء بدلًا من مصمم أمريكي، ما يُعتبر بحد ذاته “نصرًا فنيًا مصريًا”.
لكن مع تصاعد الأسئلة، لم يبدُ التفسير كافيًا لطمأنة جمهور واسع رأى في التصميم تشويشًا على الرمزية الوطنية، وترويجًا لخطاب رمزي غير بريء.
رفع علم مصر… فخر وطني أم غطاء رمزي؟
وسط تفاعل الجمهور، رفع رمضان علم مصر عاليًا على المسرح، ما أثار موجة من الفخر لدى البعض، واعتبره آخرون محاولة لتغطية الانتقادات المتصاعدة بـ”رمزية وطنية” تُخفّف من وقع الرسائل المُبطّنة التي حمَلها المشهد.
فهل كان رفع العلم لحظة وطنية صادقة؟ أم حركة ذكية لتحييد الغضب الجماهيري؟

شهرة أم شرعية؟ من يرسم الحدود؟
في عصر تتشابك فيه الهويات وتذوب فيه الحدود بين الأجناس والرموز والموضات، يبقى السؤال الأهم:
هل للفن أن يتجاوز قوانين الدولة؟
وهل الشهرة تُبرر التطاول على رموز مثل العملة أو الهوية؟
وهل “الإبداع” بات وسيلة لتمرير أجندات ناعمة تحت غطاء الموضة والاحتفال؟
الخلاصة: هل ما رأيناه فنًا… أم فتنة؟!
ما جرى في كوتشيلا لم يكن مجرد عرض موسيقي، بل حدث متعدّد الطبقات، يُفتح فيه باب على مصراعيه للأسئلة:
عن الحرية، والرمز، والسيادة، والهوية… في زمنٍ أصبح فيه كل شيء خاضعًا للتأويل.
الأسئلة التي لا تزال مفتوحة:
• هل ما فعله رمضان فنّ جريء… أم عبث بالثوابت؟
• هل يحق له استخدام العملة المصرية في تصميم فني؟
• هل يُعبّر عن فخره بالهوية الفرعونية… أم يُمرّر رموزًا “تسيّل” هوية كاملة؟
• وهل نحن أمام فنان “غير تقليدي”؟ أم أمام ظاهرة يجب أن تُقرأ ما وراء الستار؟
-هل ترى ما فعله محمد رمضان إبداعًا يستحق الاحتفاء؟.
-أم تجاوزًا خطيرًا يجب أن يُواجَه قانونيًا وثقافيًا؟
وهل رفع العلم كافٍ لطمس كل هذه الرموز والرسائل المشفّرة؟.
