محمد أبو زيد التجاني يكتب: التبريزي.. غموض شمس لا تغيب
محمد أبو زيد التجاني يكتب: التبريزي.. غموض شمس لا تغيب
« رغم ألآف الصفحات التي قد سُوّدت حول الروميّ لم يكن هناك فعليّا شيء عن شمس ».
محمد علي الموّحد؛ مقالات شمس تبريزي.
في مقالنا هذا أحاول أن اقتبس صورة مصغرة لشمس تبريزي عن كتاب “شمس تبريزي: جوهرة كهف القلب” للكاتب خالد محمد عبده الباحث المصري في الإسلاميات والتصوف، حصل خالد على ماجستير في الفلسفة من جامعة القاهرة. وهو مدير مركز طواسين للتصوف والإسلاميات.
وقد أردت من خلال نقلي هذا أن يكون تحفيزًا لمطالعة الكتاب ومعرفة هذه الشخصية وما يحيط بها من غموض وبعض المفارقات حولها، تلك الهالة النورانية من الحب التي غيرّت مولانا جلال الدين الرومي تمامًا وجعلته قبلة لها وللعاشقين إلى الآن، وقد استهل الاستاذ خالد صدارة كتابه بهذا السؤال، من ذلك الرجل الذي تولّى تغييرَ الروميّ تغييرًا تامًّا؟
ثم استعرض عدة جوانب لبعض الدراسات التي تناولت هذه الشخصية محاولة منه ليتجسد شمس أمامنا في أقرب صورة، منها :
“يصف نيكلسون شمس تبريزي من خلال مطالعاته الأولى في ديوان شمس للرومي، بأنه شخصية غامضة تندثرّ بلبّاد أسود خشن تضوي لحظة قصيرة على مسرح الحياة ثم تختفي فجأة وفي سرعة فائقة”.
ويضيف قائلاً: “إنه كان إلى حدّ ما أميًّا، ولكنه امتاز بحماس روحي شديد، مصدره الفكرة التي استولت عليه فجعلته يتخيل إنه مبعوث العنايه الإلهية، وقد استطاع ذلك أن يسيطر على كلّ من قدم عليه أو دخل مجلسه”.
وهو من هذه الناحية ومن نواحٍ أخرى تتصل بحبّه المتّقد، وفقره المدقع، وموته العنيف، شبيه كل المشابهة بالفليسوف سقراط، فكلاهما استطاع أن يفرض نفسه على أذكياء الناس بقدرته على تصوير أفكارهم البسيطة في تعبير فني رائع، وكلاهما استطاع أن يكشف لنا عن خطل العلوم الظاهرة، وعن شدة حاجاتنا إلى التثقيف والتنوّر وعن قيمة الحب في حياتنا، وأن الانفعالات الشاردة والتحديات الجاهلة للقوانين الإنسانية إنما تؤدي إلى فقد الاتزان العقلي والسمو الأخلاقي هما مقياس التمييز بين الحكيم والمريد . ص 28
ولكي تتجلى لنا صورة شمس أكثر نستعرض ما نقله المؤلف في فصل ما قاله شمس عن نفسه ص85 / 86 من الكتاب ذاته: “يقدِّمُ كلامي لكلّ سؤالٍ عشرة إجابات لا تكون في كتاب بذلك اللطف وبذلك العون “
ويقول أيضًا “إن كلامي صح صعبٌ مشكل، ولو قلته مائة مرّة لفُهم في كلِّ مرّة بمعنى آخر، وهذا المعنى يظلّ بكرًا”
وأوضح لنا أيضًا المُفكر الإيراني بدراسته حول كتابات الرومي كتب حسن نصر يقول: لم يكن شمس مجرد معلّم صوفي للرومي، فجلال الدين بالتأكيد قد درس التصوف لسنوات عديدة قبل لقائه به، لكن يبدو أن شمسًا هو الرسول الإلهي الذي أظهر الحالة الروحية الرومي بهيئتها الشعرية ص29
وقد نوّه فرانكلين لويس إلى هذا الخلط في أمر، قائلا “صورت الاسطورة شمسًا فاتنًا للجماهير ساذجًا، جوالاً ممتلكًا طاقات خارقة أختار الرومي اسمه ليكون بؤرة تدينه ابتغاء اختبار مردينه وتقديم شخصية أدبية لغزلياته ” وهذه النظرة منعكسة في آثار دولتشاه وإلى حد ما الأفلاكي.
ويستفاد من أخبار شمس التي أوردها فرانكلين من خلال اعتماده على المقالات وكتاب الافلاكي بالدرجة الأولى أن شمسًا لم يكن متعصبًا لمذهب من المذاهب الفقهية، فهو وإن تعلم الفقه الشافعي كان يقول إنه لا يسمح لانتمائه إلى المذهب الشافعي بأن يقف في طريق قبوله الأشياء النافعة في أعمال ابي حنيفة.
واستكمالا للصورة نقل إلينا دراسات مختلفة بين المدارس الاستشراق الغربية وكذلك الدراسات الشرقية والعربية في نسبة شمس للأسماعيليين وربما كان ذلك سبب في مقتله وكذلك وصف لهيئته ونسبه وما اختلف عليه في شأنه، وما تناقض في هذه الدراسات وتضارب الأقوال وختامًا بعض أقواله التي اعتبرها الوجبة الدسمة والأهم في ذلك الكتاب، ربما يقال ما يقال عن نسبه وما احاطه من غموض لكن يبقى لنا هذه الطاقة النورانية المِشعة بالحب وينجلي لنا ضياءها من حروفه العذبة واتمنى لكم قراءة ممتعة
وصورة شمس في كتابنا هذا تناولها في عدة أقسام :
القسم الأول:
1) شمس تبريزي في مرآتي الشرق والغرب
هنا نقل إلينا خالد محمد عبده الدراسات التي تناولت شمس من خلال المدرسة الاستشراقية الغربية مثل: نيكلسون،وماري شيمل، وإدوارد براون .
2) شمس تبريزي في الدراسات الاسماعيلية عند فرهاد دفتري، وشفيق ن.فيراني و محمد قاسم فيرشتا من الهند .
3) شمس تبريزي والرومي في مرآة الاسماعيليين العرب عند الأمير عارف تامر ومصطفى غالب.
4) صورة فارسية مثل عطاء الله تديّن، بديع الزمان فروزانفر.
5) صورة عربية لشمس من خلال ترجمات الباحثة العراقية إحسان الملائكة وصائغ النفوس .
القسم الثاني :
هي صورة لأفكار شمس ومختارات من مقالاته وأهم آراءه مما قاله: عن نفسه وعن الصوفية عامة والخاصة منهم مولانا جلال الدين، و أبا يزيد البسطامي، والعلم والعلماء، والشيخ الأكبر ابن عربي وأوحد الدين كرماني وكذلك عن أبيه والرسول صلى الله عليه وسلم، ومختارات أخرى.
القسم الثالث :
المجالس العشرة وهي خطب شمس في كتاب مناقب العارفين للأفلاكي .
One Comment