قاطرة الكلمة

محمد أبو زيد التجاني يكتب: الإشارة حمرا

محمد أبو زيد التجاني يكتب: الإشارة حمرا

أحيانًا أثناء تعاملاتنا مع البعض يحدث موقفًا ما له دلائل قاطعة على أن ذلك الشخص وراءه كارثة وأن الأمر خطير لكننا نختار ألا نرى، مثل:

–  أنا غير مرتاح لطريقة رده.. لا لا ده مجرد “هزار”

–  يقول أحدهم أعذارًا وتكتشف أنها كاذبة، وتكذّب أنت نفسك.

–  كل ركن في هذا المكان غريب ومريب حتى الأشخاص الذين يجلسون فيه، وإن قال لك أحدهم ذلك: “لالا أنت غلطان أنت بس مش بتحبه”.

وهكذا مثل تلك الإشارات التي تأتي إليك وأنت ربما متأكد منها بالفعل لكن ثمة شيء يمنعك، لماذا؟

لأنك متعلق تعلقًا مرَضيًا تتعلق لأنه يعوضك عن شيء تفتقد:

أحدهم يهتم ويسمعك جيدًا، فترى أي شيء يفعله في المقابل لا يذكر ولا قيمة له، لكن لا تنظر من زاويته.. إنه يهتم بك لغرض في نفسه أو منفعة شخصية ويعلم أن ذلك طُعم وبمجرد أن تلتقطه مهما حذَّرك الناس ستراه ملاكًا منزلًا من السماء وأنهم مُخطؤون، رغم أنك لاحظت مرارًا ورأيت العلامات كلها التي تؤيد ذلك، لكن أنت من اختار ألا يرى مكانًا ما تحبه وتفضل وجودك فيه، أو جماعة سياسية أو دينية، الشواهد كلها تقول إنها غامضة ومحتالة ولها أغراض غير صالحة، لكنك تُدافع عنها دفاعات مستميتة رغم أنك ترى الشواهد كلها، ولأنها تعوضك شيئًا في نفسك، دفءُ الانتماء أو منصب وهمي، أو سُلطة مباركة، ورغم أنك ربما تعرض للسجن والمساءلة وربما تتدمر حياتك وكل الأفعال أمامك تدل على أن هناك أمرًا غامضًا عنك على الأقل وترى هذا كله، لكنك اخترت ألاترى .

“الإشارات كانت واضحة، أنت الذي اخترت ألا ترى”.

لا تبحث عمّا ينقصك في الخارج.. أقصد خارجك لأنك وقتها ستكون مستعبًاد ورهين أسره، رهين سُلطة، رهين علاقات مؤذية، رهين فكر متطرف، سواءً تطرف يميني أو يساري، كل هذا فقط لأنه يعوضك نقصًا ما تراه في ذاتك، ولكن اخترت أن لا تراه وذهبت إلا من يكمله من الخارج، الحقيقة أن كلًّا منا داخله نقص والنقص سمة في الكون لا عيبَ فيها.

“إن نقص الكون هو عين كماله مثل اعوجاج القوس هو عين صلاحيته ولو أنه استقام لما رمى”

العاقل من أدركَ ونظر داخله وأكمل ما ينقصه، وجعله دافع للمعرفة المستمرة والبحث والتطور، لا بأس أن نخوض التجربة، وحينما تأتي إشارة لا نظن أو نتَسرع في الحكم بل نهدأ ونبحث ونسأل ونتحقق من شعورنا، وحينها نقرر ما علينا فعله، لكن أن ترى وتتغافل، فهذا بمثابة من “أفسد طبخة عشان بقرش ملح”، فأنت من أجل أمر واحد تؤذي أشياء أخرى فيك لكن وقتها لا ترى ما فعلته، كن دائمًا منتبهًا .

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button