قراءة في قصيدة «فلسطين في الضباب» للشاعرة نازك الملائكة
قراءة في قصيدة «فلسطين في الضباب» للشاعرة نازك الملائكة
قراءة في قصيدة «فلسطين في الضباب» للشاعرة نازك الملائكة
في خضم الأحداث الدامية والمآسي التي يعانيها الشعب الفلسطيني، وفي ظل الانتهاكات الجسيمة لحقوقه الإنسانية، وفي أوج الألم، نستحضر قصيدة للشاعرة العراقية نازك الملائكة بعنوان «فلسطين في الضباب».
نسجت الشاعرة العراقية الرائدة نازك الملائكة هذه القصيدة – وهي صرخة مدوية للوطن الفلسطيني المسلوب، والتي نُشرت في مجلة البيان الكويتية في الأول من يناير عام 1973.
انطلقت «الملائكة» في رحلة شعرية مؤثرة، تمزج فيها بين الحنين الجارف للوطن والألم المرير لفقدانه عبر كلمات نابضة بالعاطفة والتحدي، حيث رسمت صورة حية لفلسطين – أرض مكبلة بالقيود، ولكنها حاضرة بقوة في قلب وروح كل عربي.
في هذه القصيدة، لم تكتفي «الملائكة» بوصف المأساة، بل تتجاوزها إلى إعلان التحدي والإصرار على العودة، تتدفق الكلمات كنهر جارف من المشاعر، تعبر عن رفض الاستسلام وإصرار على استعادة الحق المسلوب، مهما كانت العقبات.
وتؤكد «الملائكة» في قصيدتها أن فلسطين ستظل حية في الضمير العربي، مهما طال الزمن وتغيرت الظروف.
وإلى نص القصيدة:
دياري التي رسفت في القيود
تـلـوح هـنــاك وراء النجـــود
يغلفهــــا فـــي الـبـعيد ضباب
تغرق فـــــي صمت ليل مديد
أهــيـــم وراء ذراها وألمــس
لست ألامس غـيــــر شرودي
ربـــــــاها مكبلـــــة بالتمنـــي
فكيف إليها وصول نشيـــدي؟
***
أقـــول بــــلادي أقول ديـــــاري
وأصرخ أصرخ: أرض جدودي
وأســكـــن فــــي شـفـتـي اسمها
وأحـمــل تاريخها في وريـــــدي
وأحـــيــــا بــهــــا أنـــهــا نغمـة
تـغـمـغـم فــــي يقظتي وهجودي
وفـــي أرضهـــا قد سكبت كياني
ومـــن رملها قد بنيت وجــــودي
***
وفوق حصاها أرقت دمائي
وبعثرت أغنيتــي وورودي
وأعطيتها من تحرق روحي
غذاء ورويتها بقصيـــــدي
وناديت تلك دياري التــــي
سقی رملها دم ألف شهـيــد
فقالوا دعيها وقالوا اتركيها
وصاحوا قفي ! أنها لليهود!
***
وقــفــت أحـــدق فـي أرضها
وأبــصــر آفــاقــهــا من بعيد
تحجبــهــا عن عيوني حــدود
ألا سقطـــت كــل تلك الحدود
سـيـعــبر قــلــبــي كــل مساء
إلــيــهــا وكـــل صــبـاح وليد
وأصرخ ملء الوجود: دياري
ديــاري وأشـعــل نار حقودي
***
ســأمـضــي إلــيــها ولو كبلوا
خــيــالي وأغـنــيــتـي بالحديد
ولو زرعوا النار عبر طريقي
ســأمــضـي مسربلة بصمودي
تـضــيء العروبــة ليل خـطاي
وأحـمـل مــلء دمــائي خلودي
إذا استنفذ الليل شعلة عزمي
أتــاني الصباح بعزم جـديــد
***
غدا سوف ترجف تلك السفوح
ويـــزار فـيـــها دوي الرعــود
تــکــثــر أنـهــارها للـعــــــــدو
وتحرمــــــه رشفــــات الورود
سـتـلـسـعـه نـســـمــــات رباها
وتصرخ أزهارها بالوعيـــــــد
إلى أن نــعــــود الى أرضـهــا
ونـدرك ثــــارات شــعب شريد
Hi, this is a comment.
To get started with moderating, editing, and deleting comments, please visit the Comments screen in the dashboard.