قاطرة الثقافة

«في حياته السلامة» قصة قصيرة لـ إيلاري أكرم

«في حياته السلامة» قصة قصيرة لـ إيلاري أكرم

كان هناك منزل بسيط للغاية يسكنه عائلة صغيرة مكونة من أب وأم وثلاثة أبناء، كانوا يعيشون في بلدة صغيرة يسكنها الناس البسطاء، الذين يجمعهم المحبة والمودة.

كان الأب “عم سلامة” يعمل سائقًا في محطة القطار، والجميع يحبه لأنه رجل ذو أخلاق حميدة، وهو شخص مسالم مع الكبير والصغير، وفي يوم من الأيام، حدث أمر مريب حيث انتهى الأب من عمله الساعة الخامسة صباحًا، وقام بتسليم نوبته لزميله الذي سيستلم بعده رحلات الصباح للقطار، وإذ هو يسير منفردًا في طريق خالٍ من الأشخاص، وجد حقيبة مصنوعة من الجلد سوداء مُلقاة على جانب الطريق.

كان داخله فضول: “ماذا يوجد داخل هذه الحقيبة المليئة؟” قال في نفسه: “هل هناك أوراق مهمة تخص شخصًا ما، أم شيء آخر ثمين ضائع من صاحبه؟ هل وقعت هذه الحقيبة من القطار؟ لنرَ ماذا يوجد بداخلها.”

وبالفعل، فتح عم سلامة الحقيبة واتسعت عيناه من الصدمة، حيث وجد الكثير من النقود وقطعة آثار مصرية تعود للفراعنة، وأصبح في حيرة من أمره حول ماذا يفعل الآن. لكن عقله كان يقول له: “هذا رزقك فلا تتردد في أخذه، خاصة وأنه كان يتمنى منذ فترة جمع بعض المال لمساعدة والده في إجراء عملية هامة؛ لأن صحته متدهورة وتحتاج إلى زراعة كبد، لكن ضميره كان على النقيض الآخر يقول له: “يجب عليك أن تسلم هذه الأمانة للمسؤولين في البلدة، لأنك لست صاحبها حتى تتصرف كما تشاء بها.”

وبالفعل، أخذ الحقيبة وأخبر زوجته وأبنائه بما حدث، وأراد أن يأخذ مشورتهم في الأمر. فقالت له زوجته الحكيمة: “عزيزي، حقًا إذا أخذتها، لن يعرف أحد بذلك، ولن تكون هناك مشكلة لك. بل بالعكس، ستكون منقذة لنا لإجراء عملية والدك. لكن ربما الله جعلك في هذا الاختبار لينظر إلى مدى أمانتك في كل ما تمتد إليه يديك. أمانة حياتك ستنعكس في صورة بركات لا حصر لها في حياتنا وفي حياة أولادنا. فهذه الحقيبة لا نعلم من هو صاحبها، ومن أين حصل على هذه الأموال، وهل بطرق مشروعة أم لا؟ فكيف تأمن أنت على نفسك إذا أنفقتها على أبنائك أو والدك؟ خذها مني نصيحة: الفعل المناسب هو أن نسلمها للشرطة وهم يقومون بعملهم في التحقيق حول هذه الحقيبة والآثار الموجودة بها.”

وبالفعل، فعل كما نصحته زوجته. وهنا كانت المفاجأة عندما أخبر الضابط بالأمر، حيث وجده يبتسم له ابتسامة كبيرة، وقدم له مكافأة كبيرة، وأخبره أنه كان ذلك “اختبارًا” تم إعداده له؛ لأن عمده المدينة أراد أن يقوم بترقيته في عمله ويجعله في مهام أكبر وليس مجرد سائق قطار. ولأنه كان يخشى أن يكون غير أمين في عمله، فقد اتفق مع الشرطة لتدبير هذه الخطة لمعرفة كيف سيكون رد فعله.

وعاد عم سلامة مسرورًا للغاية، يشكر الله أنه لم يسمع لأفكاره الشريرة ولم يأخذ شيئًا ليس ملكه. وبالفعل، أصبح عم نادر هو المدير العام لمحطة القطار في هذه البلدة، وبسبب أمانته في عمله ومعاملته، وجد في حياته السلامة.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button