«عتبة الكازينو».. قصيدة للشاعر اللبناني جوي خوري
«عتبة الكازينو».. قصيدة للشاعر اللبناني جوي خوري
الليلة الأكثر وحدة مرّت علي
حيطان المنزل أشبه بسجن
تغطي الشمس، لا يدخل نور
هواء بخيل، أكاد أختنق
لم أجد نفسي سوى أقف على عتبة الكازينو
يمر بجانبي من هم أكثر تعاسة مني
يتعثرون، تخبط أكتافنا بأكتاف الأخر
لا نهتم ولا نلتفت
وكأن هذا المكان هنا يقول: ممنوع المشاعر
أرى الناس الذين ليس يملئهم سوى الألم والفراغ..
أنا أتيت، كنت أبحث عن شيء ما يقتل الألم في هذه الليلة
ليلتي الأكثر وحدة
يتربصني الحزن ويرجعني إلى داخلي
أقف بوسط الضجيج لا أسمع شيء
كصنمٍ أقف، كغريب تائه لا يعرف طريق العودة
يحملني الحزن ويرميني وسط الفجوة في صدري
أعلق هناك، الظلمة تسود المكان، بالكاد أرى
حشرات تملئ المكان، تعربش وتحوم كيف ما تشاء
فإنه موطنها هنا، اعتقد
خيطان عناكابيت تزعج وجهي، تشوش رؤاي أكثر
تتغذى على جروح لم تشفى
تفوح رائحة صدءٍ وعفن
تأكل وتغوص أعمق، أشعر بقضماتها تُنكزني
أحاول قتلها أو كشّها، تتكاثر علي ترعبني
أرفع يداي مستسلما
ترجع اإلى موقعها وتُكمل عملها
يخبط كتفي أحد اللاعبين، أعي وأعود للواقع
ما زلت أقف نفس المكان كمكنة
يستأذن مني للجلوس على الكرسي جانبي
أفسح له الطريق، لا أتفوه بكلمة
يجلس، أجلس على كرسيٍ آخر
تبدأ اللعبة، أخطف نظرة على أوراقي
أفرح، أبتسم من الداخل، لا أرى أحد من مشاعر
أربح، لا أهتزّ، لا أنظر بوجه أحد
جولة أخرى، ورق قوّي
أراهن بنص ما لدي من مال، اُزيدهم، لم يعد لدي الكثير
أكشف ورقي، لاعب آخر يكشف، يربح.. أخسر
لا أدعي أية مشاعر، لا أشعر بشيء
أربح مجددا، أربح وأربح وأربح
أقف، أنسحب للمغادرة، أصل المخرج
شيء ما يسحبني للداخل مجددا
أًرجع أدراجي، أجلس وألعب من جديد
أراهن بضربة واحدة بكلما لدي من مال
أخسر، و شيء ما يريحني بالخسارة
لربما هي مألوفة جدا، أصبحت شيء من شخصيتي.
أغادر، أصل المنزل، تعاود الوحدة سيطرتها
أغرق بها.. أنام، وأستيقظ على خيبة أمل ووحدة أكبر وأكبر، أحاول البكاء، أنيني يرّجف فنجان القهوة
ينزلق من يدي، ينكسر.
أنظر إليه بثبات وهو مكسور والقهوة ملئ الأرض
لا أفعل شيء، سوى النظر إليها، والشعور بالعدم.