قاطرة الكلمة

سامية سيدهم تكتب التعليم وسنينه

بما أن مصر بأكملها مشغولة بنتيجة الثانوية العامة هذه الأيام، والأسر المصرية مهمومة بمصائر أبناءهم، وجدتنى أتساءل: لماذا نعلم أولادنا وبناتنا؟ ماذا يبرر هذا الجهد الجبار للشباب والتكلفة المضنية ووجع القلب للأهل؟ الإجابة البديهية أن التعليم يفيد الأبناء فى كل مراحل حياتهم.

السؤال إذا هو كيف يفيد التعليم أولادنا؟ حقيقة، هذا زمان لا يمكن ان نتخيل أن يعيش فيه إنسان لا يقرأ ويكتب ويحسب. لكن هذا هو مجرد “فك الخط”. بمعنى هل تكفى شهادة محو أمية لتستقيم الحياة؟ بالطبع لا.

أبسط شئ يحتاجه الانسان فى عصرنا الحديث هو أن يملك المقدرة على الدخول على الانترنت للبحث عن أى معلومة وللقيام بالمدفوعات الإلكترونية والمشاركة فى السوشيال ميديا وهكذا. حتى الأطفال الصغار يفعلون هذا .

لكن كل ذلك لا يستدعى أكتر من ان يحصل الطفل على شهادة التعليم الأساسى.. يعنى الشهادة الإعدادية.
لذلك يبقى السؤال: ما الداعى لوجع القلب الذى نطلق عليه الثانوية العام أو غيرها؟ هنا يقال أن التعليم فوق الأساسى يعد الطالب لاقتحام سوق العمل ليكون صاحب مهنة تكسبه دخل يضمن له عيشة رغدة.

إذا حصل الطالب على درجات عالية فى الشهادة الإعدادية عادة يفضل هو وأهله أن يكمل المشوار فى الثانوى العام ليتمكن من دخول الجامعة ويلتحق بكلية تعطيه فرصة عمل يدر ربح مثل الطب أو الصيدلة أو الهندسة أو.. أو..

لكن المشكلة تنشأ اذا لم يتمكن الإبن أو الإبنة من الحصول على درجات معقولة فى الإعدادية. عندها يجد الطالب والأهل أنفسهم أمام خيار التعليم الفنى، وهو خيار غير مفضل للكثيرين.

أتذكر مناقشة تواجدت فيها بين أب يحبذ دخول إبنه مدرسة تعليم فنى ليصبح صاحب صَنعة تدر عليه دخل جيد، وأم ترفض ذلك بشدة وتطالب بدخول الإبن التعليم الثانوى رغم ان فرصته فى مجموع مرتفع فى الثانوية العامة كانت ضئيلة للغاية. وعندما ضغطتُ عليها لأعرف سبب إصرارها قالت: “يعنى لما ييجى يتجوز مايعرفش ياخد الا واحدة بدبلوم؟!” بالنسبة لى، كانت الإجابة صاعقة! عموما، الإبن دخل بالفعل ثانوى عام ونجح بملحق بعدما أرهقت الأسرة بتكاليف باهظة ثم التحق بكلية خدمة اجتماعية لكنه لم يعمل فى هذا المجال بل عمل فى مجال آخر تماما ونجح فيه بدأبه وإخلاصه فى العمل.. وإن كان لم يتزوج بعد!

المهم، سردت هذا الموقف لاؤكد ان الأسباب اللى تدعو الأولاد والبنات وأهاليهم إلى أن يتكبدوا كل متاعب وتكاليف التعليم هى أسباب كتيرة ومتنوعة تضعهم تحت ضغوط هائلة.
السؤال: ماذا لو أعدنا النظر فى هذه المفاهيم كلها وأعدنا تقييمها وتصرفنا بناء على ذلك؟ وهل العالم كله يفكر مثلنا ويتصرف مثلنا ويتعب من التعليم مثلنا؟ هذه أسئلة تحتاج إلى أن نتعرض لها بأمانة فى موضوعات أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى