«رسالة حب مفقودة».. قراءة في قصيدة صفاء الحيدري
«رسالة حب مفقودة».. قراءة في قصيدة صفاء الحيدري
يعد الشاعر العراقي صفاء الحيدري من روّاد الشعر الحداثي في عصره، بدأ نشر قصائده في مطلع الأربعينات القرن العشرين، وله ثمانية مؤلفات شعرية مطبوعة، نشأ في بغداد وثقّف نفسه ذاتيه، تعلم عصاميًا.
نشرت مجلة “الأديب” قصيدة للشاعر بعنوان “رسالة حب مفقودة” في عددها الصادر بتاريخ 1 يناير 1983، استخدم الشاعر العراقي في قصيدته لغة جميلة ورموزًا طبيعية لتصوير مشاعره وآماله تجاه حبيبته، تتسم القصيدة بالحنين والمناجاة للحب المفقود.
نص القصيدة
كنا نقول
أنّا غدا
سنروح نفترش الحقول
سيكون ملء عيوننا أفق تعانقه السهول
سنكون ملء الريح.. ملء العطر.. كالحلم الخجول
تطوي بنا سفن الرؤى بعدا تجاوز كل طول
ما المستحيل سوى منى لا تستريح إلى حلول
كنا نرى في ليل عينيك النجوم
في صمت ثغرك مرفأ جنحت إليه بنا الهموم
فإذا ابتسمت تلألأت وتضوأت كل التخوم
وأطل وجه الشمس من بين الغيوم
(2)
كانت مراكبنا إليك محملات بالزهور
بتوابل الهند الشهية بالفواكه.. بالعطور
بعنادل العشق الجميلة، بالحمائم والطيور
بسريرك الذهبي تحمله النسائم في السحور
وإذا أصخنا للعصافير الصغيرة في البكور
ضحكت على خديك ألوان السرور
(3)
وغدا غدا
قل الكواكب، للقمر
أن القدر
ألقى إلينا.. مد كفا وانتظر
وانشق قلب الليل عن شتى فكر
عن جدول تنسل فضته على ابهى صور
وحقول ماس أبحرت للأفق مثقلة الصرر
وممر حلم أخضر نمشي عليه حذر
وسلالم ذهبية نرقى عليها القمر
(4)
يا أنت.. يا بنت الفجر
يا ضحكة بفم الضجر
تصفيق كفين استحال إلى مطر
وعقيق دمع يلثم الخدين يرنو في خفر
حتى متى والأفق مبتل وأنت على كدر
تنصتين إلى النسيم، وتعزفين إذا خطر؟
صور الشاعر في قصيدته عقلية حالمة ورومانسية لعلاقة حب من نوع خاص، ففي المقطع الأول، يتذكر الشاعر آماله وخططه مع حبيبته في المستقبل، كأنهما سيقضيان وقتًا معًا في الحقول والطبيعة.
وفي المقطع الثاني، يصف جمال وجه حبيبته، مشبهًا إياها بالنجوم والشمس، ما يوحي بالسكينة والاستقرار، أما المقطع الثالث، فيصف االهدايا والهبات التي كان سيحضرها لحبيبته، كالزهور والعطور والطيور، مما يعكس الإحساس بالغنى والتفاؤل.
وفي المقطع الرابع، يتحدث الشاعر عن المستقبل وما ينتظرهما من خير وسعادة، مستخدمًا رموزًا كونية كالنجوم والقمر والأفق، ما يدل على طموح وآمال كبيرة.