د.هويدا عزت تكتب :أول خُطواتك كمدير: كيف تدير سلوكيات الموظفين وتحقق النجاح؟
الدكتورة هويدا عزت&كاتبة وباحثة في العلوم الإدارية وفلسفة الإدارة

في العصر الحديث، يواجه المديرون تحديات متزايدة في التعامل مع تنوع سلوكيات الموظفين، خاصة في بداية توليهم مسؤولياتهم الجديدة، تعتبر هذه المرحلة حاسمة، حيث يواجه المدير مجموعة من السلوكيات المُتباينة التي تعكس خلفيات وثقافات وتوجهات فردية متنوعة، وللتعامل مع هذه التحديات بنجاح؛ يحتاج المدير إلى مهارات قيادية استثنائية تُمكنه من التكيف مع هذه الاختلافات وخلق توازن بين متطلبات العمل واحتياجات الأفراد، مما يُسهم في تعزيز بيئة العمل وتحقيق أهداف المنظمة.
لقد عملت بجد لسنوات لتحقيق حلمك بالترقية، وأخيرًا، ها أنت مديرًا، فلماذا تشعر بالقلق بدلًا من السعادة؟ في هذه المقالة، سنستكشف الأسباب التي قد تفسر هذه الحالة النفسية المعقدة التي يمر بها العديد من المديرين الجدد، وكيفية التعامل معها بفعالية.
إن مشاعر القلق التي قد تصاحب الترقية إلى منصب إداري ليست أمرًا غير عادي، بل هي جزء طبيعي من عملية التحول إلى دور جديد يتطلب مهارات وأسلوب قيادة مختلف، كما أنه ليس مجرد ترقية في المنصب، بل هو تحول جذري في طريقة التفكير والمهارات المطلوبة، حيث تصبح المسؤوليات أكبر، ويظهر تحدٍ جديد يتعلق بإدارة الفريق واتخاذ القرارات الإستراتيجية، مما يسبب شعورًا طبيعيًا بالتوتر والقلق بشأن القدرة على النجاح في هذا الدور الجديد.
على الرغم من التفوق في المهام الفردية والقدرة على إتمام المشاريع بنجاح، إلا أن العمل في دور إداري يتطلب التفاعل مع الآخرين، اتخاذ قرارات جماعية، وتحمل مسؤولية الفريق بأكمله.
كما يتطلب النجاح كمدير لأول مرة تحولًا كبيرًا في التفكير والمهارات، بينما توفر معظم المنظمات برامج تعريفية للموظفين الجدد، فإن القليل منها يوفر دعمًا مماثلًا للموظفين الذين يتخذون خُطواتهم الأولى في المناصب القيادية. علاوة على ذلك، فإن الضغوط الكبيرة التي ترافق الترقيات والخطر المترتب على الفشل يجعل القادة الجدد عرضة للتحديات بشكل غير مسبوق. لذلك، لتجنب الوقوع في هذا الفخ، ولإعداد نفسك للنجاح، من الضروري أن تتجنب الأخطاء التي يرتكبها المديرون الجدد، وذلك من خلال التعرف عليها واتخاذ الإجراءات الوقائية المناسبة.
ومن الأخطاء الشائعة التي يقع فيها العديد من المديرين هو عدم إدراكهم أنهم على “خشبة المسرح”؛ فعندما تتولى دورًا قياديًا، يصبح لديك مسؤولية أكبر في أن تكون أكثر وعيًا بذاتك، لأن أعضاء الفريق يراقبونك عن كثب، سواء في الاجتماعات أو التفاعلات الفردية. لذا، يجب أن تتعامل بحذر في كيفية تواصلك مع الآخرين، مع مراعاة تأثير كل كلمة أو تصرف على معنويات الفريق وديناميكيات العمل.
وفي بعض الأحيان، يُخفي المديرون مشاعر انعدام الأمان من خلال التصرف وكأنهم يعرفون كل شيء، ومع أن هذه التصرفات قد تكون محاولة للتأكيد على قدرتهم القيادية، فإنها تمثل مسارًا غير صحي؛ فالتظاهر بمعرفة أمر لا تعرفه قد يؤدي إلى فقدان فرص التعلم، واتخاذ قرارات غير دقيقة، ويقلل من الثقة والمصداقية إذا اكتشف الفريق ذلك.
ومن الأمور المهمة التي يجب على المديرين الجدد مراعاتها في التعامل مع الموظفين، فهم الأسباب الكامنة وراء سلوكياتهم؛ فمعرفة الدوافع التي تقف وراء السلوكيات تمكن المدير من معالجتها بطريقة أكثر فاعلية. فعلى سبيل المثال، إذا كان الموظف يعاني من ضغوط شخصية تؤثر على أدائه في العمل، فإن فَهم هذه الضغوط يمكن أن يساعد المدير في إيجاد طرق لدعمه وتوجيهه بشكل صحيح؛ فمعرفة السبب الحقيقي للسلوك يوفر للمدير الأدوات اللازمة للتعامل معه بشكل إيجابي، مما يعزز من بيئة العمل ويُحسن التفاعل بين أفراد الفريق.
ومن الضروري أيضًا أن تكون المهام والأدوار واضحة لجميع العاملين منذ بداية تولي المدير مهامه، هذا التنظيم يعزز من فعالية العمل ويُساهم في تحقيق الأهداف المؤسسية، علاوة على ذلك، يجب على المديرين احترام التنوع في الفرق التي يعملون معها، سواء كان ذلك تنوعًا ثقافيًا أو فكريًا أو شخصيًا؛ فالتنوع ليس مجرد عنصر مكمل للبيئة العملية، بل هو مصدر رئيسي للإبداع والابتكار، أن تتعدد وجهات النظر داخل فرق العمل، يؤدي إلى حلول أكثر ابتكارًا وقدرة على معالجة التحديات بطرق جديدة.
في الختام، يمكن القول إن التحول من موظف إلى مدير يتطلب أكثر من مجرد فهم للمهام الوظيفية، إنه يتطلب تطورًا في التفكير واتقانًا لمهارات القيادة، بالإضافة إلى القدرة على التعامل مع التحديات والتنوع في بيئة العمل، الأخطاء التي قد يقع فيها المديرون الجدد يمكن تجنبها إذا تم الاستعداد الجيد والتعلم من الآخرين، ووضع رؤية واضحة ومسار محدد، وهذا يُمكن المدير من قيادة فريقه بفعالية وتحقيق النجاح.
وبالإضافة إلى ذلك، يجب على المنظمات أن تولي اهتمامًا بالغًا بالبرامج التدريبية الموجهة للمديرين، خاصة الجدد منهم. تعتبر هذه البرامج أداة حيوية لتزويد المديرين بالمعرفة والمهارات اللازمة، مما يُمكنهم من قيادة فرقهم بفعالية، والتعامل مع تحديات القيادة بكفاءة ومرونة. إن التدريب على القيادة لا يتوقف عند مرحلة الترقية فحسب، بل ينبغي أن يكون عملية مستمرة طوال الحياة المهنية؛ لضمان تطوير القدرات والتكيف مع التغيرات التي قد تطرأ في بيئة العمل.