قاطرة الكلمة

د. محمد كمال يكتب :البكالوريا المصرية بين التفاؤل والحذر

دكتور محمد كمال&أستاذ الفلسفة بكلية الآداب جامعة القاهرة

على مدار أكثر من 65 عامًا تغير نظام الثانوية العامة خمس مرات فقط، وعلى مدار خمس أعوام تغير أربع مرات أخرى. ففي السنوات الأخيرة كان هناك نظام البوكليت للدكتور الهلالي الشربيني، الذي ألغاه الدكتور طارق شوفي 2018 واستبدله بنظام الامتحانات الموضوعية البابل شيت والأسئلة المعتمدة على الفهم والتحليل من خارج المقررات الدراسية.

ثم جاء د رضا حجازي في استمرار لنفس المنهج، وجاء التغيير الثالث على يد السيد محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم الحالي الذي أعلن في أغسطس الماضي عن نظام جديد انتقالي للثانوية العامة يستمر لثلاث سنوات حتى العام الدراسي 2026/ 2027 ليبدأ بعدها تطبيق نظام جديد دائم وهو نظام البكالوريا، واستبشرنا خيرًا بذلك حتى تكون هناك فترة انتقالية لتخطيط جيد مستقبلي جزء من رؤية استراتيجية متكاملة لإصلاح النظام التعليمي كاملاً، لا أن يصبح الهدف التغيير فقط في نظام الثانوية العامة.

لكن فوجئنا بوزارة التربية والتعليم تقدم مشروع قانون لتغيير شامل في نظام الثانوية العامة وهو نظام البكالوريا الجديد، الذي من المقرر يبدأ من العام القادم بعد طرحه لحوار مجتمعي مع تأكيد على أن النظام المقترح صحيح وسيحل كل المشكلات فبه سيمنع الغش وبه ستنال الشهادة الثانوية المصرية اعتمادًا دوليًا وننمي كافة المهارات في تعلم متعدد التخصصات.

وبعيدًا عن الشعارات ندخل في صلب الموضوع في ضوء ما تم إعلانه حتى الآن حول نظام البكالوريا، وما دام الموضوع مطروحًا للحوار الوطني على الكلمة يكون لها تأثيرها. وللوصول لتحليل كامل للمقترح كان يجب طرحه متكاملا وهو ما لم يحدث لذلك نقدم رأينا في حدود ما أعلن عنه، حيث نجد عدة مزايا منها توزيع الدرجات على عامين مع فرصتين لكل مادة مما يخفف التوتر ويمنح الطالب أكثر من فرصة لتحسين مستواه.

وكذلك إمكانية اختيار مسارين للدراسة والتخصص مما يساعد الطالب في اختيار مسار يتناسب مع ميوله وقدراته. كذلك تم تخفيض عدد المواد إلى 7 مواد مما يخفف العبء الدراسي على الطلاب.

ويجعل الطالب يركز على التخصص يجعل المادة العلمية أكثر عمقًا وقوة. إلا أن ذلك لا يعني أن مشاكل الدروس الخصوصية والغش سوف تنتهي لأنها ترتبط بأسباب متعددة لا ترتبط بعدد المواد فقط. .
أما أبرز الإشكاليات والتساؤلات فهي لماذا الاستعجال في التغيير كان يمكن الانتظار عامًا أو عامين لاستكمال الاستعدادات ووضع مناهج خالية من الأخطاء ومتسقة مع المراحل الدراسية الأخرى.

لأن الاستعجال يسبب ارتباكًا للأسر ويضعف الثقة في النظام الجديد.كذلك تكرار اربع امتحانات في أربع شهور كاملة لإجراء الامتحانات مما يتطلب موارد مادية وبشرية ضخمة.

وإثارة مشكلة اشتراط دفع 500 جنيه لإعادة الامتحان يثير شبهات دستورية وتمييزًا ماديًا. ويقترح فرض رسوم رمزية موحدة لجميع الطلاب أو إعفاء الطلاب تمامًا من الرسوم.

بالنسبة للمواد الدراسية فإن هناك أمور عجيب فمادة الفلسفة يذكر أنها ضرورية لتعليم التفكير، لكنها تُهمَّش بحصرها في الصف الأول. وعدم تدريسها بعد ذلك للمسار الذي هي أساس فيه وهو مسار الآداب والفنون في الوقت الذي يضع مكانها مادة الإحصاء في نفس المسار وهو ما تم اقتراحه العام الماضي وكانت الحجة لأن طالب الادبي قد يدخل تجارة وهو لم يدرس إحصاء.

فلماذا يتم وضعها مرة أخرى هذا العام بينما أصبحت التجارة مسار مختلف ؟ كذلك تم تهميش مادة الجغرافيا رغم أهميتها لتوعية الطلاب بالمخاطر الوطنية.

ويمكن حل ذلك بدمج الجغرافيا والتاريخ في مادة واحدة لتوسيع الفائدة. ووضع مادة الدين في الصف الثالث مادة اجبارية للجميع أمر مرفوض ويحتاج للكثير من المناقشة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى