د. عبير بسيوني تكتب :محاور المشروع المتكامل لحماية التراث بهدف وضعه في اطار “علامة مصر”
الدكتورة عبير بسيوني&وزير مفوض بوزارة الخارجية صورة القاطرة القاطرة أرسل بريدا

“علامة مصر” مشروع الأجيال القادمة، ولا أبالغ، وهو لبث الروح في التراث الحضاري المصري المادي وغير المادي، وحيث ما زال التراث غير المادي يعاني من عدم وجود هيئة متخصصة لتسجيله. جاءت انطلاقة فكرة مشروع علامة مصر من فكرة ووزير المعارف الأسبق الاديب العلامة د. طه حسين والذي رسم لنا في موسوعته “مستقبل الثقافة في مصر” –الصالحة حتى الآن- الطريق من خلال بناء الشغف بالثقافة المفتوحة وفهم الحياة من خلال تكامل العلوم مع الآداب بنفس الاهتمام.
مشروعنا المقترح هو مشروع تنويرى لانارة البصيرة وايقاظ الضمير واستنفار الهمة والهوية الوطنية. بالجمع بين التراث بقيمه الاصيلة واستخدامات العصر. الربط بين الماضي بالآثار والموروثات والحاضر بتعميق الدراسات وتطوير الحرف والفنون القديمة بمحليتنا وطابعنا الأصيل باستخدام التكنولوجيا والادوات الحديثة.
ويكفي هنا ان ننوه بأهم عوائد تنفيذ هذا المشروع بظهور انواع جديدة من السياحة في مصر مثل سياحة المتاحف تحت المياه وسياحة الصحاري وسياحة الكهوف وسياحة المغامرات والسياحة الصناعية واستخدام فنون العمارة الطبيعية ونشر اللون الأزرق المصري الصديق للبيئة والملائم لتبريد المباني وتوليد الطاقة.
علامة مصر” هي حفظ لأهم ما يميز الحضارة المصرية القديمة التى تعد مهد الحضارات لأنها الحضارة الوحيدة التى وثقت و”سجلت” تاريخها وتراثها وصناعاتها وأدواتها وحروبها وسلامها وفنونها وحكمها، ومن هنا نستسقي محاورها:
المحاور
بالنسبة للتراث المادي يتم وضع خطة لتسجيل وطني كامل للتراث الطبيعي والصحراوي والصناعي والمائي كمحميات، وتوسيع تسجيل التراث الحضاري-بمصلحة الآثار، ومن بعدها في اليونسكو- لجميع المناطق الآثرية لحماية التراث المادي (آثار كوم شقافة وغيرها بالإسكندرية، وصعيد مصر المليء بالآثار، وادراج محافظات وجه بحري، ومقابر 100 من الصحابة بمحافظة المنيا في مصر “البقيع المصري”….الخ)
يليها اقامة نظام معلومات جغرافي GPS للتراث المادي في مصر بخريطة أثرية مفصلة تحتوي على جميع المواقع االاثرية ومعلومات تخص تاريخها وتسجيلها كتراث وطني بهدف ادراجها لاحقا بمواقع التراث العالمي المصري المسجل باليونسكو في افريقيا (جنوب افريقيا 11 والمغرب واثيوبيا 9 ومصر 7 فقط) علما بأنه رغم الثراء الحضاري والأثري بمصر إلآ انها لم تسجل غير 14 موقع في القائمة النهائية ولها 2 “موقعين بالقائمة التمهيدية للتسجيل على قائمة التراث في العالم الاسلامي في حين ان المغرب لديها 46 في القائمة النهائية و31 في القائمة التمهيدية.
التراث غير المادي
بالنسبة لتسجيل التراث غير المادي فيتم حصره وتسجيله من خلال إقامة “هيئة التراث غير المادي” كهيئة قومية يتم انشائها خصيصا وتسجيله في المنظمة العالمية للملكية الفكرية وذلك تمهيدا لتسجيله في اليونسكو ومن هذا التراث:
الملابس والزراعة
الشكل الهرمي والمشربيات والارابسك والقباب الفرعونية وأبواب الجوامع الشهيرة من العصر المملوكي وفانوس رمضان وكعك العيد كإرث شعبي تاريخي–الرخام الفرعوني- اللغة الهيرولوغوفية- الخط الفرعوني والخط المصري وتطوراته- والمسلات- الملحنون – الملابس القطنية والتقليدية والفرعونية- الحلي الفرعونية والاحجار الكريمة-الالات الموسيقية-الشعر النبطي والمراكب الشراعية- الزراعية – الأكلات المصرية واهمها الفول والطعمية من الفول والكشري..الخ– .
المدن القديمة والتقويم القبطي
المسميات القديمة لمدن مصر-التقويم القبطي ودوره ليس فقط بالزراعة والمناخ والاعياد الدينية- الأمثال والحكم المصرية وخاصة المرتبطة بالتقويم المصري القديم -الكلمات-المنتجات المحلية الزراعية: كالكركدية والملوخية والأعشاب النادرة.
و الحيوانات التى عاشت قديما وسجلتها الحفريات كالقطط المنقرضة- الحرف التقليدية والنيلية- والسجاد المصري الصعيدي والسيناوي –السباقات المحلية كسباق الهجن- تشكيلات صحراء سيوة والمناطق الطبيعية.
الصبغة
و تسجيل صبغة اللون الازرق كاختراع مصري قديم والتوسع في استخدام الآزرق الطبيعي-أسرار الأحبار المصرية وطرق مزجها- تأسيس مصر لأول مدرسة لاهوتية مسيحية بالاسكندرية وتقديمها للرهبنة فمصر الحاضنة الأولى للرهبنة في العالم ويرجع البعض أصله وتطبيقاته لأول مذهب ديني للخلاص عرفه المصريون القدماء باسم “نظام الأسرار”.
الرهبنة المصرية
وعرفت مصر رهبان البراري منذ القرن 3 ميلادي وباتت الرهبنة المصرية جزء لا يتجزأ من شخصية الكنيسة المصرية وحفظت الكنيسة اللغة المصرية القديمة المنطوقة من الاندثار حيث عرفت مصر الديانة المسيحية في القرن الأول للميلاد في آخر مراحل تطور اللغة المصرية القديمة- الأزهر وما يقدمه من علوم).
مع الحصر لأنواع التراث الثقافي غير المادي تظهر الحاجة لإستكمال الإطار القانوني لحمايتها من السرقة ولضمان حق استخدمها بشكل حصري لمصر وبما يمكننا من الحصول على عوائد مادية من بيع هذا الحق وهذه العلامات المصرية ويمثل دخل وطني.
نشر متحف بيت القرية وبيت البادية
إقامة ونشر متاحف “بيت القرية” و”بيت البادية” و”التراث الطبيعي والبيئي والمائي والصناعي” ولو بمقرات المراكز المحلية لجمع وتقنين تاريخ وتراث القرى والبوادي وانشاء مهرجان “اعرف بلدك” لكتابة وتوثيق الطبائع والعادات المحلية: يتيح المشروع القومي لتطوير الريف المصري “حياة كريمة” المستهدف تطوير “4741 قرية” وتوابعها “30888”عزبة وكفرا ونجعا فرصة فريدة لتطبيق-بعائد مزدوج- فكرة مشروع ثقافي قومي”اعرف تراث وتاريخ بلدك واكتشف حكاياتها وآثارها” لتقنين وتوثيق الاثار المصرية .
طبائع وعادات المصريين
وتسجيل طبائع وعادات المصريين من الواقع وبما في ذلك ادق تفاصيل مثل الاكلات الفريدة وانشاء متحف (بيت القرية) و(بيت البادية) و(متحف التراث الطبيعي والصناعي والمائي والبيئي) للحفاظ على اهم مقتنياتها من صور او مخطوطات او ممتلكات شخصية على طول القطر المصري بقراه المتعددة واكتشاف تاريخها ومهرجاناتها (كسباق الهجن) وقصص الموالد وأبطالها الشعبية (الأشقياء والظرفاء) قبل ان تتناسهم الألسن وينقرض عصر الحكايات. فعلى مسار متوازي من وجود وزارت التنمية والبنية الاساسية بالمشروع القومي لتطوير الريف المصري(كوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة.
الموارد المائية والري
والموارد المائية والري، الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، الزراعة واستصلاح الأراضي، والتخطيط العمراني، والهيئة الهندسية للقوات المسلحة) يمكن ضم وزارت الثقافة والاثار والسياحة والبحث العلمي (أقسام الحضارة والتاريخ) ليتكامل –في نفس الوقت- المشروع ويتحول من مشروع خدمي للمواطن الي مشروع انتاجي ايضا بأن يتم الاستثمار في عبقرية المكان وعبقرية الانسان (كما ذكر الاستاذ الدكتور/جمال حمدان) اي ان تكون فرصة لاكتشاف تاريخ وتراث (مادي ومعنوي) القرية/البادية المصرية والتى يمتد تاريخها الي اكثر من 7000 سنة منذ العصر الفرعوني.
قوى مصر الناعمة
ولاكتشاف قوى مصر الناعمة، وبحيث تدخل كل قرى/بوادي مصر لخريطة السياحة والتراث المصري وتزداد فرص السياحة الداخلية والخارجية وتتولد فرص عمل جديدة ويتم دعم البحث العلمي (في علوم التاريخ والفلكلور والآثار) ببحوث ميدانية تكشف ما لم يكن متاحا فرصا لكشف التراث من قبل لتواجده في مناطق نائية او مهملة بقرى مصر العامرة واثبات هويتنا الوطنية المتنوعة المتعددة المتفردة.
الهوية المحلية
تعزيز الهوية المحلية لكل قرية أو بادية وصحراء وبيئتها المتميزة بتنويع المتاحف والمحميات، وبما يخلق التنافس لإنتاج منتوجات تراثية وحرفية متميزة تحمل طابعها، وتعزيز سياحة السفاري للمدن الصناعية العريقة بتوثيق التراث الإنساني الصناعي “مناطق تراث صناعي “الذي يؤرخ استخراج المعادن (مثل اقامة اول تليفريك في مصر والعالم العربي لاستخراج المنجنيز والفيروز من منطقة أم بجعة بسيناء والتي تضم معبد الإلهة حتحور الشهير المعروف بمعبد «سيدة الفيروز”)، وحماية الموروث من النيازك كمحميات طبيعية (محمية “نيزك جبل كامل” بالصحراء الغربية القاحلة بالوادي الجديد، والتى أقام عليها قدماء المصريين صناعات الحلى والخناجر من الحديد النيزكي).
الترويج للمعارض
والترويج للمعارض/المتاحف الجيولوجيه (مثل المعرض الجيوليوجي بالقاهرة المتضمن لأجزاءً من كوكب المريخ التى سقطت عام 1911 بالقرب من مدينة الإسكندرية منذ أكثر من مائة عام ووثقها المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية) ونشر محميات المناظر الطبيعية كجبل الطور “موسى” الفريد والحفريات المصرية، وتسجيل النقوش الصخرية لانسان ما قبل التاريخ والفرعونية والرومانية بصحراء البحر الاحمر خاصة وادي ابرق وابو سعفان.
التراث الثقافي تحت الماء
كشف وتسجيل والحفاظ على “التراث الثقافي تحت الماء” وبناء متاحف تحت المياه باعتبارها الذاكرة الحية للأجيال التي سبقتنا؛ وحمايتها ووقف عملية الاستخراج في حال اكتشاف الآثار او حطام السفن لحماية الجوانب “غير المادية” لهذا التراث الأكثر تعقيدا بإنشاء “منطقة عازلة”.
وأوضح أمثلة هذا التراث هو التراث المغمور بالبحر المتوسط امام الاسكندرية(مدن وجزيرة) وهو مشروع تم اعتماده من اليونسكو عام 2001 بإنشاء متحف/مركز مفتوح متكامل تحت المياه للآثار المغمورة بالمياه تعطل تنفيذه بشكل مستمر، ويعد ضروريا لانقاذ الآثار الغارقة واستخدام التقنيات الحديثة بحملة عالمية من اليونسكو لتطويره ليكون اول موقع تراث عالمي يشمل جزيرة أثرية متكاملة بانشاء ممرات بحديقة متحفية بمسابقة عالمية لتنفيذ أفضل تصميم لهذا المزار المائي الضخم مع التوثيق الكامل لهذا الكنز الاثري وحمايته من السرقة بوضع كاميرات مراقبة تحت المياه وتغطية المواقع الأثرية المغمورة بشباك حديدية.