قاطرة الثقافةقاطرة الكلمة

برنا وهبه تكتب: 100 عام على أول كتاب نقديّ عربيّ في العصر الحديث.. غِربال ميخائيل نعيمة يُسقِط الزّمن تحت جناحه

غِربال ميخائيل نعيمة يُسقِط الزّمن تحت جناحه

عن أهميّةِ كتابِ “الغِربالِ” النّعيميِّ الرّائدِ في مئويّتِه والّذي شكّلَ دستورَ الرّابطةِ القلميّةِ لأدباءِ المهجرِ في نيويورك وثورتَها التّجديديّة في الفكرِ والمعنى والخيالِ والأسلوب:

ضفادعُ الأدبِ تشلُّنا شلًّا بنقيقِها ومستنقعِها وركودِها…

تشلُّ تطوّرَ اللّغةِ العربيّةِ بل والحياة العربيّة ذاتها…

أشخاصٌ ما ينفكّون يصحّحونك لغويًّا… فهذا يجوزُ في نظرِ الثّعالبي أو الأصمعي وذلك لا يجوزُ… !

حذارِ ! ثمّ حذارِ ! إيّاكَ أن تنتهكَ قداسات اللّغةِ الموروثةِ… !

اللّغةُ العربيّةُ ينبغي أن تظلَّ ثابتةً، جامدةً… !

ليصحَّ فيهم قولُ ميخائيل نعيمة “نقيقُ الضّفادعِ، مكانةُ اللّغةِ في الأدبِ”.

وأصدقُ مثالٍ على ذلك، بيتٌ لجبران خليل جبران مِن قصيدةِ “المَواكِب”: “هل تحمَّمْتَ بعطرٍ وتنشّفْتَ بِنور ؟”

بيتٌ ولا أروع…

المشكلةُ أنّ هذا البيت “السّماويّ” خاطئٌ لغويًّا، أو بالأحرى ضفادع اللّغةِ العربيّةِ تعدُّه خاطئًا مِن النّاحيةِ اللّغويّةِ !

تستهجنُه وتلومُ الكاتبَ عليه لومًا شديدًا… لقد ارتكبَ جبران خليل جبران جريمةً نكراء في حقِّ اللّغةِ العربيّةِ !!!

ما هي… ؟!

أين هي… ؟!

باللّه عليكم قولوا لي ما هي… ؟!

لا أرى شيئًا !!!

استخدمَ الشّاعرُ فِعلَ “تحمّمَ” بدلًا مِن فِعلِ “استحمَّ” الفصيحة لغويًّا والشّرعيّة قاموسيًّا !

يا لهولِ الفظاعةِ !

ما أشدَّ جهل جبران باللّغةِ العربيّةِ !

ولكن…

هل يمكنُ لكاتبٍ عملاقٍ أن يتقيّدَ بلغةِ الأصمعي والشّنفري ؟!

ألَن يحدَّ ذلك مِن إبداعِه وعبقريّتِه ؟

الشّاعرُ يتفجّرُ ويفجِّرُ معه اللّغةَ، يشتقُّ كلمات جديدة، يعانقُ الحرّيّةَ ليُبدِع، وإلّا فلا إبداع ولا تطوّر لغويّ ولا مَن يحزنون…

يموتُ الأدبُ العربيُّ إذا ما استمعْنا إلى نقيقِ الضّفادعِ…

لنَقرأْ ما كتبَ ميخائيل نعيمة في كتابِه “الغِربال” بعد مئة سنة على صدورِه: “لو تُبْصِرُ ضفادعُ اللّغةِ العربيّةِ يومًا ما تاريخَ لغتِهم لوجدوا فيه أصدقَ شاهدٍ على هذا القول. ألا يرَون أنّ اللّغةَ الّتي نتفاهمُ بها اليومَ غيرُ لغةِ مضر وتميم وحمير وقريش ؟ ألا يرَون أنّه لو أُتيحَ لأسلافِهم تقييدُنا منذ ألفي سنة لما كانَ لنا حتّى اليوم لغة سوى لغة الحيزبون والدّردبيس والطّخا والنّقاخ والعلطبيس ؟”

هنا، تمكنُ أهميّةُ كتاب “الغِربال” الرّائد في مئويّتِه والّذي، مِن شدّةِ حرصِه على اللّغةِ العربيّةِ، يريدُ تطويرَها عن طريقِ جعلها تستمدُّ مفرداتها مِن نسغِ الحياةِ… والمتزمّتون لغويًّا يريدون تقميطَها وخنقَها…

لا تخافوا مِن التّجديدِ اللّغويِّ…

لا تخافوا مِن الاشتقاقاتِ الضّروريّةِ لمسايرةِ التّطوّرِ…

لا تخافوا مِن انتهاكِ قوالب اللّغةِ التّقليديّةِ إذا كانَ ذلك يُغني اللّغةَ العربيّةَ ويُضيفُ إلى الأدبِ العربيِّ مساحةً جديدةً مِن الإبداعِ والحرّيّةِ…

تمرّدوا على التّقليدِ والجمودِ والخمودِ…

حطِّموا الأوزانَ والقوافي الّتي تقيّدُ حرّيّةَ الشّاعرِ المُبدِعِ…

وسِّعوا مدارِكَكُم وعقولَكم عن طريقِ التّرجمةِ…

الشِّعرُ هو غَلَبَةُ النّورِ على الظّلمةِ والحقِّ على الباطلِ…

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button