برنا وهبة تكتب : بين “الهُوِّيّاتِ القاتلةِ” والقتلِ على الهُوِّيَّةِ،أمين معلوف، مهاجِرُ جروحٍ كثيرةٍ

ذلك الأمينُ المولود على شفيرِ المتوسّطِ،
على تربةِ التّنوّعِ نبتَتْ جذورُ شجرةِ عائلتِه، فكان ثمرةَ زواجِ أوطانٍ وقواميس، وصبَّتْ في بحرِ ثقافتِه جداولُ كثيرةٌ…
وذلك الأمينُ أيضًا ابنُ هذا الشّرقِ الخائفِ والمُخيفِ الّذي يضمّدُ جراحَه بتلميعِ الحِرابِ.
معلوف المولود على خطِّ التّماسِ بين الحضاراتِ والثّقافاتِ، هالَهُ الدّمُ المتراكم بفعلِ الهُوِّيّاتِ القاتلةِ، والقتلُ على الهُوِّيّةِ الّذي مزّقَ هذا الشّرق بفعلِ موروثاتٍ متدفّقةٍ من ينابيعِ كرهٍ لا تنضبُ…
أشراكٌ منصوبةٌ في ذاكرةِ شرقٍ تائهٍ بين مخاوفِ الهُوِّيّاتِ وكمائنِ العلاقاتِ بين الأديانِ والحضاراتِ والثّقافاتِ،
يجسُّ معلوف ببراعةٍ نبضَ تاريخٍ شائكٍ باحثًا عن مستقبلٍ لا يُشْبِهُ الماضي…
ذلك الّذي يومَ شرّعَتْ له الأكاديميّةُ الفرنسيّةُ أبوابَها، دخلَها بجملةٍ: “اليوم، هناك جدارٌ في المتوسّطِ بين الفضاءاتِ الثّقافيّةِ الّتي أنتمي إليها… طموحي هو المساهمةُ في هدمِه.”
أطروحتُه في “الهُوِّيّاتِ القاتلةِ” الّتي صدرَتْ في خضمِّ الحروبِ والثّورات، قدّمَتْ فهمًا مغايِرًا للهُوِّيّةِ، الّتي تصبحُ قاتلةً، عندما تصبحُ مستبدّةً ومتعاليةً تراقبُ بغطرسةٍ الهُوِّيّاتِ الأخرى بدافعِ الخوفِ والجهلِ وضيقِ الأفقِ، فتطغى على انتمائها الإنسانيّ…