فلاش باك

نهر النيل تحول لـ”دم”والأرض أصبحت كلها في خراب.. هكذا كتب في بردية «إيبوير»

لكن هل يوجد تشابه في الأحداث بين قصه خروج الإسرائيلين من مصر و هذه البردية ؟

Story Highlights
  • "مقارنة بين بردية إيبوير و قصه الخروج: موضوعات متوازية ومنظورات تاريخية حول الكوارث المصرية القديمة"


تبرز بردية إيبوير ورواية الخروج التوراتية كوثيقتين عميقتين تصفان فترات من الاضطرابات والكوارث الكبيرة في مصر القديمة. وعلى الرغم من أصولهما وأغراضهما المختلفة، فإن كلا النصين يقدمان روايات متشابهة بشكل لافت للنظر عن الانهيار المجتمعي والتدخل الإلهي.

يستكشف هذا الموضوع أوجه التشابه والأختلاف بين هاتين الروايتين، سعياً إلى فهم سياقاتهما التاريخية، والتوازي الموضوعي، والآثار المترتبة على فهمنا للتاريخ المصري القديم والتقاليد التوراتية.

السياق التاريخي والأصول

بردية إيبوير، نص مصري قديم من الفترة الوسيطة الثانية (حوالي 1800-1600 قبل الميلاد)، هي رثاء يصف فترة من الفوضى والانهيار المجتمعي. وهي تصور الكوارث الطبيعية والاضطرابات الاجتماعية والانهيار المتصور للنظام، وترسم صورة قاتمة لعالم في حالة من الفوضى. لا تزال أصولها وسياقها التاريخي الدقيق محل جدال بين العلماء، حيث يربطها البعض بفترة غزو الهكسوس أو الاضطرابات المصرية الداخلية.

على النقيض من ذلك، تصف رواية الخروج من الكتاب المقدس العبري الهروب الدرامي للإسرائيليين من العبودية في مصر تحت قيادة موسى، كما ورد في كتب الخروج واللاويين والأعداد والتثنية. تتضمن الرواية الأوبئة والمعجزات وانشقاق البحر الأحمر، مما يصور تدخلاً إلهيًا لإنقاذ الإسرائيليين من العبودية المصرية. هناك جدال حول تأريخ الخروج، مع اقتراح تواريخ تتراوح من القرن الثالث عشر إلى القرن الخامس عشر قبل الميلاد.

مواضيع مقارنة

  1. الأحداث الكارثية: تصف كل من بردية إيبوير ورواية الخروج أحداثًا كارثية أثرت بشكل كبير على المجتمع المصري. تتحدث بردية إيبوير عن عالم يعاني من الكوارث الطبيعية والمجاعة والانهيار المجتمعي. وعلى نحو مماثل، تروي قصة الخروج سلسلة من الأوبئة، بما في ذلك تحويل النيل إلى دم، وأسراب الجراد، وموت المولود الأول، والتي بلغت ذروتها في انشقاق البحر الأحمر بشكل درامي.
  2. التدخل الاجتماعي والإلهي: تصور بردية إيبوير عالماً حيث يتم تعطيل الأنظمة الاجتماعية والكونية التقليدية، مع شعور واضح بالاستياء الإلهي أو الخارق للطبيعة. وعلى الرغم من أن البردية لا تنسب الفوضى صراحة إلى التدخل الإلهي، إلا أنها تعكس تصوراً للعقاب الإلهي أو الخلل الكوني. من ناحية أخرى، تنسب قصة الخروج صراحة الأوبئة والمعجزات إلى تدخل إله إسرائيل، مما يدل على وجود يد إلهية مباشرة في تغيير مسار الأحداث.
  3. انعكاس القلق المجتمعي: يعكس كلا النصين مخاوف عميقة الجذور بشأن استقرار المجتمع. تمثل بردية إيبوير المخاوف المصرية من تفكك المجتمع وفقدان السيطرة. إن رواية الخروج تجسد أمل بني إسرائيل في التحرير والعدالة ضد الظلم، في إطار رواية أوسع للعدالة الإلهية والخلاص.

الاعتبارات التاريخية والأثرية

لقد ناقش العلماء ما إذا كانت الأحداث الموصوفة في بردية إيبوير ورواية الخروج يمكن ربطها بشكل مباشر بالأحداث التاريخية. يقترح البعض أن البردية قد تعكس أزمات تاريخية حقيقية، مثل فترة الهكسوس أو الصراع الداخلي، في حين يرى آخرون أنها بناء أدبي أو بلاغي. إن الخروج، الذي يُنظر إليه تقليديًا على أنه حدث تاريخي، يفتقر إلى أدلة أثرية قاطعة ولكنه غني بالأهمية اللاهوتية والثقافية.

الآثار المترتبة على فهم مصر القديمة

إن مقارنة هاتين الروايتين تقدم رؤى حول كيفية فهم الثقافات القديمة للأزمات والاستجابة لها. تقدم بردية إيبوير منظورًا مصريًا داخليًا للانهيار المجتمعي، في حين تقدم رواية الخروج منظورًا خارجيًا من مجموعة مهمشة تسعى إلى التحرير. يسلط كلا النصين الضوء على الحالة الإنسانية والتفاعل بين القوى الإلهية والطبيعية في أوقات الأزمات.

الخلاصة

على الرغم من أن بردية إيبوير ورواية الخروج نشأتا من سياقات ثقافية وتاريخية مختلفة، إلا أنهما تشتركان في موضوعات مشتركة تتعلق بالكوارث والتدخل الإلهي. ومن خلال مقارنة هذه النصوص، نكتسب فهمًا أعمق للمنظورات المصرية القديمة والكتابية حول الكوارث، مما يوفر رؤى قيمة حول الطرق التي تتعامل بها المجتمعات مع الاضطرابات الكبيرة في عالمها وتفسرها.

وجاء نص بردية إيبوير كالآتي :

نص بردية
الحكيم إيبور :

“الوباء في كل أنحاء الأرض، الدم في كل مكان، النهر هو كالدم .. نتيجة للهلاك الذي حل البارحة لقد استلقى الناس متعبين مثل الكتان المقطع .. إن مصر الدنيا تبكي، القصر بكامله دون موارده التي كان ترده من القمح والشعير والإوز والسمك .. المغفرة لقد هلكت البذور في كل جانب .. إن الارتباك والضجة المخيفة امتدت في كل الأرض .. لم يكن هناك خروج من القصر ولم يستطع أحد رؤية وجه رفيقه لمدة تسعة أيام .. لقد تدمرت البلدان بالمدّ المحتوم (الطوفان) لقد عانت مصر العليا من الخراب .. الدم في كل مكان، والطاعون ينتشر في جميع أنحاء البلاد لا أحد حقاً سيبحر إلى بيبلوس اليوم .. ماذا سنفعل من أجل الإوز من أجل موميائنا؟ لقد نضب الذهب .. لقد عاد الرجال مشمئزين من تذوق الكائنات الحية وهم متعطشين للماء .. ذلك هو ماءنا وتلك هي سعادتنا ماذا ستنفل بالنسبة لذلك؟ كل شيء تدمر .. لقد تدمرت البلدان وأصبحت مصر العليا قاحلة .. لقد انقلبت المساكن بلحظة .. ها هو الفرعون قد فُقِد في ظروف لم يحدث مثلها من قبل”.

Related Articles

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Back to top button