فلاش باك

“كاهون” خريطة الأيادي الذهبية – أول مدينة عمالية في مصر الفرعونية

"كاهون" خريطة الأيادي الذهبية والتخطيط الحضري العبقري" في عصر الفراعنة

“كيف استطاعت مدينة كاهون، أول مدينة عمالية في مصر القديمة” الفرعونية”، أن تكشف لنا أسرارًا حول حياة العمال وتنظيم المدن في عصر الفراعنة وما هي اسرارها؟”

في سجلات مصر القديمة الفرعونية، تبرز مدينة كاهون بأعتبارها شهادة رائعة على تنظيم وتعقيد التخطيط الحضري المبكر. تُعرف كاهون بأنها أول مدينة عمالية في مصر القديمة، وتقدم لمحة رائعة عن حياة العمال الذين بنوا بعض المباني الأكثر شهرة في مصر، خاصة خلال فترة المملكة الوسطى.

على عكس المدن الأخرى، لم تكن كاهون مخصصة لعامة السكان والحياة العادية، بل كانت البلدة موقعًا مؤقتًا للعمال الذين يقومون ببناء هرم اللاهون. تم بناء البلدة أو قرية العمال عام 1895 قبل الميلاد في عهد الملك سنوسرت الثاني من الأسرة الثانية عشرة و كان الغرض الأساسي منها هو أن تكون بمثابة مستوطنة للعمال الذين شاركوا في بناء مجمع الهرم القريب في اللاهون. شهدت هذه الفترة تطورًا كبيرًا في فن الحكم المصري، حيث أدت الحاجة إلى استيعاب وإدارة أعداد كبيرة من العمال إلى إنشاء مدن متخصصة خلال فترة الدولة الوسطى لمصر القديمة .

مكان المدينة الحالي

تقع المدينة في محافظة الفيوم الحديث، والمعروفة أيضًا باسم اللاهون. الموقع الذي تم اختياره لبناء المدينة عليه يطل على منطقة البحيرة التي أولى لها ملوك الأسرة الثانية عشرة الكثير من الاهتمام. والمنطقة عبارة عن منخفض خصب كبير يتصل بالنيل عن طريق نهر يعرف باسم بحر يوسف. وكانت المدينة معروفة في ذلك الوقت بالاسم القديم “حتب سنوسرت” (الملك سنوسرت في سلام)، لكنها اكتسبت فيما بعد الأسماء الأكثر معاصرة “لاهون” و”كاهون”.

مدينه كاهون
كاهون


و حقيقة أن كاهون هي قرية عمالية تثبتها أنواع القطع الأثرية التي تم التنقيب عنها والتي تشمل أدوات مثل؛ شباك الصيد، والمجارف، والمعازق، والمطارق، والصوان، والأزاميل النحاسية ذات المقابض والسكاكين الخشبية. ومع ذلك، لا يزال لدى كاهون جانب قانوني وسياسي فعال. لم يكن لدى كاهون عمدة فحسب، بل كان لديه أيضًا دار للإجراءات القانونية والمكاتب الإدارية. تعتبر سندات نقل الأراضي والوصايا القانونية من بين الوثائق العديدة التي تم العثور عليها. إلى جانب الوثائق القانونية، تم العثور على العديد من البرديات الأخرى بما في ذلك البرديات الطبية التي تحتوي على مقاطع توضح الحالات التي تم فحصها والعلاجات المستخدمة لعلاج تلك الحالات من قبل شعب كاهون. يصل إجمالي برديات كاهون المكتشفة إلى حوالي 1000 قطعة تغطي المسائل القانونية والطبية.

أحد الجوانب الأكثر لفتًا للانتباه في كاهون هي بنيتها التحتية المتقدمة. وقد تم تجهيز المدينة بنظام فعال لإدارة المياه، بما في ذلك الآبار وأنظمة الصرف الصحي. لم تلبي هذه البنية التحتية الاحتياجات اليومية للسكان فحسب، بل أظهرت أيضًا فهم المصريين للتخطيط الحضري وإدارة الموارد.

تخطيط مدينة كاهون


قد اتخذت شكلًا مستطيلًا وكانت مكتظة بالسكان . وكانت المنازل مكونة من طابق واحد أو طابقين على الأكثر. وكانت المدينه محاطه بسور من الطوب

تم تقسيم المدينة نفسها إلى قسمين بواسطة جدار آخر يفصل بين المناطق السكنية الفقيرة والغنية. كانت منازل المنطقة السكنية الغنية أكبر بحوالي خمسين مرة من منازل الجزء الفقير من المدينة. في جميع أنحاء المدينة، تم تصميم الشوارع في خطوط مستقيمة.

مساكن العمال

كانت منازل العمال تحتوي على غرفتين إلى أربع غرف في الطابق الأرضي في الحي الغربي، أما في الحي الشرقي كانت البيوت الكبرى تبلغ مساحة المنازل الكبرى حوالي 2700 مترًا مربعًا، وكانت بمثابة مكاتب وأماكن معيشة لكبار المسؤولين المسؤولين عن أعمال البناء، إلى جانب عائلاتهم. تحتوي هذه المنازل على ما يصل إلى 70 غرفة لكل منها.

كانت الحياة اليومية في كاهون منظمة ومنظمة. تم تقسيم العمال إلى فرق وتم تكليفهم بمهام محددة تتعلق بمشاريع البناء. كان للمدينة نظامها الإداري الخاص للإشراف على تخصيص الموارد والتأكد من سير العمل بسلاسة. لم تسهل هذه المنظمة بناء الهرم فحسب، بل ساهمت أيضًا في استقرار وكفاءة القوى العاملة.

علاوة على ذلك، يتحدى كاهون بعض التصورات التقليدية لممارسات العمل المصرية القديمة. يشير التصميم الجيد التخطيط والراحة النسبية لمساكن العمال إلى أن القوة العاملة لم تكن مجموعة من العبيد المجهولين، بل كانت مجموعة من الأفراد المُدارة والمحترمة الذين لعبوا دورًا حاسمًا في بناء التراث المعماري في مصر.

وبعد الانتهاء من بناء هرم اللاهون، أصبحت المدينة مهجورة بالكامل. لقد كانت قرية عاملة كبيرة ويبدو أنها اختفت بطريقة ما بعد الانتهاء من بناء هرم سنوسرت. لقد تركوا وراءهم مبانيهم وبنيتهم ​​التحتية المتطورة، بالإضافة إلى نصوصهم القانونية والدورية وبردياتهم الطبية، التي تخبرنا الكثير عن المدينة وحياة سكان كاهون في الدولة الوسطى.

تعد مدينة كاهون، أول مدينة عمالية في مصر القديمة، بمثابة شهادة على مدى تطور التخطيط والإدارة العمرانية المصرية القديمة. إنه يعكس التنظيم المعقد المطلوب لدعم مشاريع البناء واسعة النطاق ويقدم نظرة دقيقة لحياة العمال الذين ساهموا في إنجازات مصر الضخمة. كموقع أثري، يواصل كاهون تقديم رؤى قيمة حول الجوانب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للمجتمع المصري القديم، مما يؤكد مكانته كموقع رئيسي في دراسة التنمية الحضرية القديمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى