فاروق الباز في حواره لـ« القاطرة » .. الدولة التى لا تُأكِّل نفسها دولة خربانة

من أمريكا تحدث إلينا دكتور فاروق الباز العالم المصري، عبر تطبيق زووم، وكما يلقب بسيد القمر، حيث ترأس فريق التخطيط الجيولوجي لرحلة أبولو للهبوط على سطح القمر.

في هذا الحوار الشيق، تحدث معنا عن كيف تميز في علم الفلك وأبحاث القمر، البعيد كل البعد عن مجال دراسته، ورحلة بحثه عن عمل منذ أن حصل على الدكتواره .

كما ابحر معنا عن إبحاث وكالة ناسا، وحدثنا عن الغرفة المغلقة بهرم خوفو وممر التنمية ..وأعلن عن رأيه بصراحة في التعليم ووضع مصر الاقتصادي الحالي، وملفات أخرى فتحها معنا …ذلك بالإضافة إلى أنه أفصح لنا عن حلمه بالمستقبل …و إلى نص الحوار :

ما هي أخر الاكتشافات و الدراسات العلمية التى تعمل عليها وكالة ناسا الآن ؟

في الحقيقة، ناسا لن تتوقف عن العمل،فهي لديها مشروع الفضاء بجمع معلومات علمية عن كواكب المجموعة الشمسية، حيث أن ناسا لن تتوقف عن العلم وجمع المعلومات،  وهى حاليًا تجمع معلومات عن كوكب المريخ لأنه يشبه الأرض بشكل كبير، نريد أن نعرف كيف تكون وما هي اختلافتة مع الأرض.

وهل تشير هذه الدراسات إلى أنه يمكن أكتشاف أمكانية الحياة على كوكب المريخ ؟

لم نتوصل لذلك حاليًا،ولكن مشروع ناسا يهدف إلى اننا نتعرف قدر الأمكان على كل الصفات البيئية لكوكب المريخ حتى نستطيع أن نتوصل هل يمكن للمعيشة أما لا، ولكن هناك مجموعات شمية آخرى كثيرة جداً يمكن الحياة عليها، فمشروع ناسا الكبير يبحث عن كواكب أو شموس يمكن أن تكون بيئتها مماثلة لبيئة الأرض، مؤكداً أنه احتمال يكون هناك الآلف من الكواكب والشموس تشبة الأرض، لذلك تدرس ناسا حالياً تلك المجموعات  وتفحصها في محاولة لإيجاد كواكب يمكن وجود حياة للأنسان عليه، فيمكن أن تكون بيئتها تماثل بيئة الأرض.

كيف يؤثر البحث الجيولوجي على فهمنا للأحداث التاريخية والآثار الثقافية ؟

 البحث الجيولوجي مهم جداً في كل شيء على الأرض لأنه بيعمل على فهم الأرض نفسها، و كلما فهمنا الأرض فهمنا بيئتنا، كلما فهمنا بيئتنا  تحسنت حياتنا في هذه الدنيا. 

ما هي التحديات الكبرى التى توجه علماء الجيولوجيا اليوم؟ وكيف يمكن التغلب عليها ؟

التعرف على تاريخ الأرض، طبقات التى توجد تحت اللسه الساخنة والتي يخرج منها الانفجارات والبراكين، فندرس هل هى بتبرد ولا لا؟،  وإذا كانت بتبرد، بتبرد بسمك قد اية؟، وإذا لم تكن بتبرد ماذا ممكن أن يحدث فيها؟، لأنها حاجات كبيرة جداً وعميقة جداً،ولكن ليس لدينا الوسائل العلمية  للأكتشافها والتعرف عليها بدقة حتى الآن.

في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي الحالى.. هل ترى مستقبلًا مشرقًا لعلوم الأرض؟ وما هى المجالات التى تثير اهتمامك في المستقبل؟

علوم الأرض يجب أن تستمر ،لأن علوم الأرض هى الأساس وهي التى تعلمنا كيفية استخدام الثروات الطبيعية وتعرفنا على ثروات الأرض مثل البترول وهذا من عمر الأنسان، فالأنسان طول عمره يعمل هكذا، جدادتك الملكات كان لديهم ناس بيحفرو الصخور ويعرفوا أهميتها وعرفوا الفضة وخرجوا الفضة من الصخور وهذا يعني أنه يجب نفهم بيئتنا كويس جداً حتي نعرف كيف نستفيد منها.

هل هذا يعني أن علم الفلك أول حضارة تعرفت علية هى الحضارة المصرية القديمة؟

نحن لا نعلم عن أي مكان أخر قام بهذا ، إلا في اليونان ولكن كانوا قد عرفوا ما قدمته مصر في علم الجيولوجيا وقتها، وكان كل الناس وكل الملوك يحاولوا فهم الأرض وطبيعتها، فكان ذلك جزء كبير من حياة المصري القديم.

وهل علم الجيولوجية في مصر القديمة ساهم في تطور الحياة لدي المصريين القدماء ؟

كان في ناس تذهب إلى الجبل بالتحديد نحو سيناء حتي يستشكفوا، لم يكن يطلق عليهم وقتها مصطلح جيولوجين ولكنهم بالفعل كانوا جيولوجين، فكانوا يبحثوا داخل الصخور، ومنها عرفوا استخراج المعادن مثل الذهب، فقاموا بمراحل، في الأول الاستكشاف ثم التعرف على المادة ثم تعدين ثم استخدام‏، فالتحجير والجرانيت كان أول تاريخة من مصر القديمة وكان يتم استخراجة من أسوان .

إلى أين وصل مشروع ممر التنمية والتعمير بالصحراء الغربية ؟ والذي اطلقتة بناءة علي تتبع مسارات المياه الجوفية؟ هل تتابع الآن المشروع بنفسك ؟

لم أرى أيّ شيء بدأ بالمشروع، الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر تحدث معي بنفسه عن المشروع وطلب مني نسخة من الكتاب الخاص بالمشروع، واعطيته نسخة من كتاب ممر التنمية، والكتاب فيه شرح عن كل التفاصيل، ولكن إلى الآن لم ينفذ، ومازالوا يدرسوا فية، لأنهم في نظري لديهم مشاكل أخرى يجب أن يعملوا على حلها أولًا، ثم يستفيقوا ويبحثوا عن التوسع.

وما هي المشاكل الآخري التي يجب أن تعمل مصر على حلها في الوقت الحالى … من وجهة نظرك ؟

في نظري أرى مشكلة الغذاء في مصر أهم المشاكل، فقد توسعت مصر في البناء على الأراضي الزراعية، الأرض الزراعية ” عملنها أسفلت فـ باظت وعادات لم تنفع للزراعة” ، وأصبح لم يوجد لدينا أكل، و أصبح يجب أن اشتري أكل من البنوك، “اشتري أكل من برا من الصين وروسيا وأمريكا ” بشتري أكل من مختلف الدول حالياً.

التاريخ مليء احداث عن عظمة مصر، قيصر روما كان يقول ” مافيش أحسن من العيش اللي بيجي من مصر، مافيش أحسن من كذا اللي بيجي من مصر “، في التاريخ بعد فترة القدماء المصريين بحقبة كان كل ملوك ورؤساء الدول يتباهو بالأكل اللي بيجلهم من مصر، “احنا دلوقتي بنشحت فلوس من أوربا بعدين ندفعلهم عشان نشتري اكل يادي المصيبة”، ” الدولة التي لا تؤكل نفسها دولة خربانة” .

لان كوني أنا كدولة مش عارف اطلع الأكل اللي أنا محتاجة، أنا عايز حد يساعدني من برا مصر، استلف منه ويديني الفلوس ويحط عليها زيادات، اليوم نجد أمريكا فاردة عضلاتها لية وسط العالم؟، فقوة أمريكا تكمن في أن عندها ما يكفي من الأكل ويفيض عليها، وبتبيع الأكل لناس تانية .

وهل يوجد حل لأستراجع جزء من مساحة الأراضي الزراعية  المهدرة؟

نستطيع ان نصلح ما ضاع وفسد من الآن، حينما نبدأ نعمل على استصلاح الأراضي في الصحراء،   وذلك يبدأ يوم ما نبدأ في تنفيذ ممر التنمية، يبدأ استصلاح الأراضي، لأن كل ممر من الممرات الفرعية الخارجة من ممر التنمية تمد الأراضي ببيئة مهيئة للزراعة.

ومشروع ممر التنمية إذ نفذ لا يحتاج فلوس كثيرة، فقد عرضت عليهم أن كل محافظة تبني شارع غرب نهر النيل ب 20 كيلو، فكل محافظة تبني ذلك الشارع في ناحية الغرب  من ميزانية المحافظة،  ثم يأتي دور الحكومة بعمل شارع يوصل كل الممرات ببعض في شارع واحد، وهكذا أكون عملت الأساس للممر التنمية.

ماذا عن طواحين الهواء والواح الطاقة الشمسية في مصر؟ لماذا لا تستخدم الأستخدام الأمثل، رغم توافر الطاقة الشمسية لدينا بكثرة؟ في حين يستخدمها دول الغرب ذات الطاقة الأقل منا بكثيراً ؟  

“خيبة” مصر الأساسية  أننا لا نستخدم أرضنا الأستخدام الأمثل، منذ 20 عام، جاء مجموعة علماء  من ألمانيا إلى مصر، وعرضوا علي مصر أن تعطيهم 50 كيلو في 50 كليو في الصحراء الغربية،لتغطيهم كلهم الواح طاقة شمية، واعطاء الطاقة المستخرجة منها من الكهرباء لـ “مصر”، وبيع المتبقي لدول أوربا، ولكن مصر رفضت، ومصر لم تعمل طاقة شمسية حتي الآن، فما تعمل حالياً لا يغطي 1% من التى تحتاجه مصر من طاقة.

عقب أزمة كورونا .. كان هناك تقارير تقول أن مناخ العالم اتغير نتيجة توقف العالم لفترة وقت الأزمة، ما مدي صحة هذه التقارير؟

المناخ يتغير على الدوام، فهو ليس ثابت في العام، المناخ والرياح والمطر و الأرض تلف، ودوران الأرض يغير كل شيء، المناخ يتغير على الدوام، ونحن يجب أن نتعامل مع التغيرات على الدوام.

 حدثنا  عن  بحثك  حول الغرفة المغلقة لهرم خوفو ؟ وما هي التفاصيل الجديدة التي لا نعرفها كمصريين عن هرم خوفو؟

هرم خوفو مازال يحمل أسرار كبيرة، كان في حفرتين في الجزء الجنوبي للهرم،  مصر فتحت نسخة 1954 وكان رئيس الآثار وقتها الأستاذ كمال الملاخ، ومازال هناك الكثير.

ما رأيك في تعديلات الثانوية العامة الجديدة بجعل المادة الأجنبية الثانية خارج المجموع والغاء مادة الجغرافية ؟

“خيبة” فكيف اغلق على نفسي هكذا والعالم من حوالي أصبح قرية صغيرة، وأصبح منفتح على بعضه، فيجب أن يكون الإنسان المصري مطلع على لغة الآخر حتي يعرف الناس بالخارج ماذا تقول وتفعل، في اوربا والصين والهند ومختلف الدول، الغلق لم يعطينا فرصة للحياة، الدول كلها فتحت على العالم، “ما ينفعش نقفل علي نفسنا”، العالم اصبح منفتح علي بعضه، أمريكا لا تستطيع أن تغلق على نفسها، أمريكا فاتحة ذراعيها لأي شخص من أي دولة بالعالم مادام بيفيد العالم .

حدثنا عن الخطاب 110 الذي وصل إلى وكالة ناسا وما قبل الخطاب؟

قبل الخطاب 110 كان في واحد اسمه “فاروق الباز” حاصل على دكتواره ومبسوط وعايش لكن ليس لديه عمل يعيش منه ومتزوج ولدية أبنة، ومحتاج يحصل على فرصة عمل حتي يأُكل زوجتة وأبنتة فقط، فاضطريت اشتغل ” بوهيجي” “بوهيجي مش عيب”، ظليت ارسل جوابات طلب عمل لكافة المؤسسات.

إرسالت 121 طلب، ولم يرد منهم غير الخطاب الذي ارسلته لوكاله ناسا، على الرغم أن وظيفة ناسا كانت بعيدة كل البعد عن تخصصي، فقد حصلت على الدكتواره في مناجم المنجنيز، وهي بعيدة كل البعد عن وظيفة ناسا التى تتطلب دراسة القمر، وكنت وقتها لا اعرف أي شيء عن القمر، وبعد ان قبلت في الوظيفة عكفت على دراسة القمر فظليت ثلاث شهور ادرس في الكتب والخرائط حتى توصلت إلى وجود 16 موقع، واطلعت العاملين بوكالة ناسا على ما توصلت إلية فكان يعمل معي 46 جيولوجي يعملون على البرنامج فشرحت لهم الـ 16 موقع واعطيتهم امثلة على ذلك، وكيف نذهب إليهم ونعرف من خلالهم بعض خصائص القمر،ورغم عدم معرفتهم بيا أو معرفتي بيهم إلا أننا تعاونا سوياً لنفع الناس.

ماذا تقول للشباب بعد كل هذه المعاناة في البحث عن عمل ؟

أقول للشباب انا كتبت خطابات لـ 122 موقع إضافة لذلك ارسالت إلى 46 لأقسام الجيولوجيا، ولم يرد عليا أي منهم و، والجواب الأخير الذي ارسلته لمؤسسة تساعد ابولو، هو الذي تم الرد علية، فقد قدمت في 176 وظيفة عمل وكلما لم اجد في مكان أذهب لأخر، وقبلت بالنهاية الوظيفة التى لم اتوقع أنها تأتي ليا وعملت بها رغم أني كنت لا اعرف عنها شيء، فكنت لا اعرف عن جيولوجيا القمر اي شيء، لذلك اقول للشباب مدوامة البحث واستمرار السعى.

ما حلم دكتور فاروق الباز ؟

أحلم بأن أري بناتي سعداء، فقد تركتهم يدرسوا كيفما يشاؤون، وهما لم يدرسوا الجيولوجيا، ولكنهم ناجحين في حياتهم .