أميرة عزت تكتب : الخدمة تعطينا حياة
كوني ابعد ما يكون عن كلمة خادمة، لمن لا يعرف أولًا قبل أى شىء، معنى الخدمة، الخدمة في المسيحية، هي تسليم اخذنا من آبائنا الرسل والبطاركة وصولاً لأجيالنا الحالية، وامتداد للأجيال القادمة، منذ أن وطآت اقدام مار مرقس الرسول أرض مصر من محافظة الإسكندرية، وبدأ يعلم اول اسقف رسمه وقتها في مصر وهو إنانياس، أول اسقف وثاني بطريرك خلفًا لمار مرقس كاروز الديار المصرية.
ثم عقبه جميع الأساقفة والبطاركة ومن جيل لجيل يُسلم الإيمان، من خلال الكنيسة ومدرسة اللاهوت التي انشائها مارمرقس الرسول في محافظة الإسكندرية، ليعلموا كل من يريد أن يتسلح بالإيمان المسيحي .
عبر العصور جاء حبيب جرجس الذي أسس مدارس الأحد، فأدخل التعليم للأطفال من الصغر، فيعلم الكبار الأطفال بكل المراحل كل تعاليم المسيحية، ليكونوا سلسلة تعلم بلا نهاية حتي يأتي السيد المسيح له المجد على السحابة ويتسلم كنيسة العهد الجديد من الجيل القائم في ذاك الوقت.
تعلمنا منذ أن كنا أطفال على ايدي الخدام الذين علمونا كل شيء بالأنجيل، لم تكن الخدمة يومًا اجباراً على احد، ولكنها تتم بمحبة فتجعلنا في سلسلة أو دائرة نلف كلنا فيها عبر محيطنا الكبير، إلا وهي الكنيسة التي تعد هي الأم لنا جميعًا، فنجد الخدمة تعطي لنا حياة، حينما تعلم وتعطي تشعر بوجودك، وتشعر بأنك لك دور، وقتها تشعر بالسعادة.
تعاملات الله مع أولاده
الخدمة أيضًا لاتقتصر على انني كخادم أو خادمة اعطي، ففي الحقيقة هي التي تعطينا، فكل شىء يتم بيد الله وليس بيد انسان، ولكن الله من أجل محبته يشرك الأنسان في كل عمل، بل وينسب له ذلك العمل.
و أن فندنا تعاملات الله في محبته لأولاده، لن يكفينا الحديث والكتابة…فنسب الأناجيل الأربعة مثلًا لـ يوحنا ومتي مرقس ولوقا، وهي في الأساس موحى بها من الله فهي كلام الله الحي، ففي رسالة بولس الرسول الثانية إلى تيموثاوس جاءت الآية الآتية:”كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ،” (2 تي 3: 16).
أيضًا في العهد القديم يقول السيد المسيح له المجد، شريعة موسي، فقد نسب الشريعة لموسى النبي وهي في الأساس شريعة أسسها الله بنفسه ليهندم حياة الأنسان على الأرض،فقال السيد المسيح من فمه في انجيل متى الآتي : “قَالَ لَهُمْ: «إِنَّ مُوسَى مِنْ أَجْلِ قَسَاوَةِ قُلُوبِكُمْ أَذِنَ لَكُمْ أَنْ تُطَلِّقُوا نِسَاءَكُمْ. وَلكِنْ مِنَ الْبَدْءِ لَمْ يَكُنْ هكَذَا.” (مت 19: 8)،
حينما أشعر انني اعطي اتأكد من انني انسان ذو أهلية، فأشعر بقيمتي، دائمًا السعادة تكمن في العطاء أكثر من الأخذ لذلك قال الكتاب المقدس “مَغْبُوطٌ هُوَ الْعَطَاءُ أَكْثَرُ مِنَ الأَخْذِ».” (أع 20: 35).
حضن السيد المسيح
في النهاية أود أن أقول أنا مدينة للخدمة في بيتي كنيستي، الأم التي تحتضنا دائمًا، لأنني كلما اتواجد فيها تعطيني من حبها فرائحتها تسكن في انفاسي تجدد الهواء داخل نفسي وروحي وجسدي، تعطيني غذاء الحياة، اذهب إليها وأنا متسخة بضعفاتي و نقصى، لا ترفضني في أي وضع، لمساتها ورائحة بخورها الذي يلتصق بملابسي يجدد وينظف ما أذهب إليها به من أتربة العالم.
ولا أعلم هل أنا الخادمة أم المخدومة، منذ كنت طفلة في مراحل دراستي كنت مخدومة، والآن أنا مكان خدامي، ولكني اخُدم من مخدومينى، نظراتهم ومحبتهم، تلقائيتهم، لمساتهم، يخدمونى بها، يلمسونى بها ويفتقدوني، وكلانا يفتقدنا حضن الكنيسة الأم التي تضمنا.
وهنا اتذكر حضن السيد المسيح له المجد،الذي يرسم داخل كنائسنا، فحين كنت طفلة اذهب مع والدتي الكنيسة اقف بجوراها آراها ترفع يدها وتصلي، وانا اقف بجوارها أتلفت يمين وشمال وفوق واسفل، فانظر لفوق اري يسوع فاتحاً ذارعية، كنت لا استوعب ماذا يقال وقتها، ولكن ذلك الحضن كان يجعل نظري معلقًا لفترة لفوق، الآن وأنا كبيرة اقف بمفردي وانظر لذلك الحضن فقدت سبقتني أمي لحضن الآب السماوي منذ سنوات .
الخدمة فعلًا تعطينا حياة، تجعلنا نتجدد دون أن ندري فهي النعمة الخفية، التى قد لا ننظرها بأعيننا ولكننا نحصد عطائها لنا داخل اروحنا وفي حياتنا .