Uncategorized

د.عبير بسيوني تكتب : حياة مصر في مكافحة التصحر

الدكتورة عبير بسيوني&وزير مفوض بوزارة الخارجية

التهديد والخطر الأول لمصر هو التصحر(القاتل الصامت)، وحيث مصر من أكثر الدول المعرضة للجفاف لضمها الصحراء الشرقية وصحراء النوبة التى هي جزء من الصحراء الكبرى، ولهذا كان الوعي المبكر بهذا الخطر القاتل والمهدد للبيئة العالمية،

فكانت مصر رائدة جهود مكافحة التصحر في العالم وصاحبة أقدم مركز بحثى لمجابهته ظهرت فكرته1927 وتلاه اهتمام عالمي أدى لاعتماد الامم المتحدة لخطة عمل من اجل مكافحة التصحر1977ثم تتابعت الجهود الدولية حتى كللت بقمة الأرض1992ب3 اتفاقيات هي:

اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحّر (وقعت مصر عليها1994، وكان آخر مؤتمر للدول الأطراف في الاتفاقية بالسعودية مؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية مكافحة التصحر (2-13 ديسمبر 2024) (COP16)) إلى جانب اتفاقيتى تغيّر المناخ والتنوّع البيولوجي.

وتعمل الاتفاقية على مكافحة التصحر وتخفيف آثار الجفاف من خلال برامج العمل الوطنية تتضمن استراتيجيات طويلة الأجل بدعم من التعاون الدولي وترتيبات الشراكة وبتعيين منسق وطني لكل دولة وهو بالنسبة لمصر مركز بحوث الصحراء الأعرق.

ولعرض أبعاد المشكلة تشير التقارير الصادرة عن إتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، أن مصر تفقد أراضي زراعية بمعدل5أفدنة/ساعة أي تفقد مواردها وفرصها في النمو والتنمية.

ووضعت مصر الأولى عالمياً حيث تجتمع بها أسباب التصحر وهي:

فقدان الغطاء النباتي وهو السبب المباشر لتدهور التربة

إشتداد نشاط التعرية المائية والهوائية، بموجات الزوابع والرياح التى تحمل التربة لمسافات بعيدة وتترك طبقة التربة السفلية غير الخصبة معرضة لأشعة الشّمس فتجعلها صلبة وغير منتجة فتتطور سمات شبيهة بالصحراء. 

زيادة كمية الغبار بالجو مع غزو الكثبان الرملية للأراضي الزراعية

تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة

تدهور الأراضي الزراعية المعتمدة على الأمطار

تملح التربة لعدم تصريف الري الزائد

سوء إدارة المياه مع إنخفاض كمية ونوعية المياه الجوفية والسطحية

النمو السكاني وتدهور المراعي

الممارسات الزراعية الخاطئة المسببة لإنخفاض خصوبة الأراضي

ويتضمن البرنامج الوطني المصري لمكافحة التصحر والذي ينسقه مركز بحوث الصحراء5 برامج رئيسية: تقييم ومتابعة التصحر وبناء القدرات،وبرامج تحسين المراعي، وبرامج تثبيت الكثبان الرملية بشواطئ بحيرة ناصروواحة سيوة وشمال سيناء، وبرامج الزراعة المروية بمعالجة تلوث التربة والمياه ومعالجة التلوث البيئي في وادي الريان،وبرامج الزراعة المطرية بالساحل الشمالي وتحسين الثروة الحيوانية وتحسين إنتاجية المجترات الصغيرة في شمال سيناء والحد من إنجراف التربة.

وبالنظر الي ان مشكلة التصحر ومكافحته يتطلب جهدا دوليا تعاونيا، ومن ثم فإن المعالجة الشاملة لهذه المُـعضلة البيئية الأساسية التي تواجه الإنسانية، وهي فقر التربة. ومعالجة العوامل المسببة لظاهرة التصحر، عبارة عن مُـثلّث ذي ثلاثة أضلع، يتشكّل من التصحّر وانحسار التنوّع البيولوجي والتغيّر المناخي. هذه العوامل الثلاث، لابد أن تعالج في ترابط مع بعضها البعض.

وفي سبيل إيجاد حلول تشمل هذه الأضلاع ينتج مفهوم الإدارة الشاملة Holistic Management لمركز بحوث الصحراء (نقطة التنسيق الوطنية) مع آلية انذار إقليمية جديدة وباستخدام تكنولوجيا متقدمة،

وبالحشد للتمويل الدولي والمساهمة والمشاركة بحثيا مع الاستفادة وتنسيق الجهود الاقليمية الاستراتيجية طويلة الامد مستفيدة بالمبادرات الجديدة التى طرحتها السعودية في الدورة 16 لمؤتمر اتفاقية مكافحة التصحر (الرياض، 2-13 ديسمبر 20204) والمبادرات العالمية الأخرى والتسريع في تنفيذهم، وفي نفس الوقت، وبالتوازي،  مكافحة التصحر على المستوى الوطني

وضع خطة وطنية طموحة ونشر الوعي بأهم طرق مكافحة التصحر:

جهود مكافحة التصحر عديدة وتستوجب التنسيق تحت هيئة/مظلة وطنية واحدة تتعامل مع الداخل والخارج وهي-وفقا للاتفاقية- مركز بحوث الصحراء الذي يجب ان يظهر دوره في المتابعة والتوجيه داخليا مع الأرصاد والبحوث الزراعية والمجتمعات العمرانية الجديدة والبيئة واستصلاح الأراضي وبما يمثل “مبادرة متكاملة لمكافحة التصحر” لما يلي:

وقف الزحف العمراني على الأراضي الزراعية بإقامة المدن بالأراضي الجافة لتخفيف الضغوط وراء السلوكيات البشرية المسببة للتصحر مع سن القوانين الرادعة وتشجيع مشاريع التشجير واستصلاح الاراضي بزراعة المناطق الجافة بالنخيل وأشجار السدر والصفصاف التي تتميّز بسرعة نموها وقدرة جذورها على تثبيت التّربة.

المبادرة الرئاسية «100 مليون شجرة» من قبل وزارات البيئة والتنمية المحلية والإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، خلال جدول زمني على مدار 7 سنوات، بداية من عام 2023 وحتى عام 2029، وتُكرس اهتمام الدولة المصرية بالتوسع في أعمال التشجير لمضاعفة المساحات الخضراء، ضمن تحركها الإيجابي والفاعل في إطار ملف مواجهة تأثيرات تغير المناخ، وتحسين البيئة وجودة الحياة،

مجابهة مصادر التلوث.

وقامت وزارة البيئة خلال العام الأول 2023 بزراعة 1.3 مليون شجرة، في حين يتم العمل خلال عام 2024 على زراعة 1.5 مليون شجرة، ومن المخطط استكمال أعمال التشجير وصولًا إلى العام السابع والأخير 2029 ليكون إجمالي ما تنفذه وزارة البيئة 13 مليون شجرة. أما وزارة التنمية المحلية فقامت بزراعة 7.7 مليون شجرة في العام الأول 2023، كما يشهد العام الجاري 2024 زراعة 3 ملايين شجرة يتم الانتهاء منها في مايو 2025،

ومن المخطط استكمال عمليات التشجير ليكون إجمالي ما تقوم وزارة التنمية المحلية بزراعته حتى عام 2029 حوالي 80 مليون شجرة. أما وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية (هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة) في إطار تنفيذ المبادرة الرئاسية، قامت بزراعة نحو 853.6 ألف شجرة خلال عام 2023/2024، ومن المستهدف زراعة مليون شجرة، خلال عام 2024/2025، وذلك بنسبة تصل إلى 117% بالعام السابق.

مخطط استكمال أعمال التشجير

ومن المخطط استكمال أعمال التشجير ليكون إجمالي ما تنفذه الهيئة حتى عام 2029 حوالي 7 ملايين شجرة. هذا وتقوم مختلف أجهزة المدن الجديدة بتنفيذ المستهدف في إطار تلك المبادرة الرئاسية، من خلال زراعة أنواع الأشجار الأكثر وفرًا للمياه، مع تجريم القطع الجائر للأشجار، ومراعاة الشكل الجمالي والبيئة البصرية للأماكن المقرر تشجيرها عبر اختيار الأصناف الملائمة، إلى جانب استهداف تحقيق المردود الاقتصادي وضمان الاستدامة البيئية للمساحات المزروعة، بالإضافة إلى نتائج استخدام تقنية الاستشعار عن بُعد ورصد مستوى التغير في مجال التشجير بالأحياء المختلفة، وفقا لخطة تطوير مداخل ومحاور وعواصم المحافظات والمدن، ضمن هذه المبادرة، لتحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية الشاملة

ثقافة الوقايى وإطلاق حملات توعية

نشر ثقافة الوقاية وإطلاق حملات توعية لطرق إعادة الحياة إلى الأراضي الزراعية الميتة وتوفير الموارد المائية والحفاظ عليه واتخاذ إجراءات وقائيّة لحماية الغطاء النباتي بتحسين الممارسات الزّراعيّة، وتعزيز التّنقل الرّعوي المستمر للاستفادة من الموارد الطّبيعيّة في الأراضي الجافة واستخدام التكنولوجيا الجديدة تحسين جودة التّربة،والمحافظة على الماء(وتقنية الحبيبات الهجينة التى تساعد الأرض الرملية،على زيادة قدرة الأرض على الاحتفاظ بالمياه وتخزينها، وتوفير مظلة دائمة للحفاظ على رطوبة التربة برقائق الخشب)،واستخدام الأسمدة المعدنيّة والطّبيعيّة مع التخطيط والإدارة المتكاملة للأراضي والمياه.

اتخاذ تدابير فعالة ومتكاملة لحماية التّربة بتطبيق مزيج من التكنولوجيا التقليدية مع النقل الانتقائي للتكنولوجيا الجديدة المعنية بتثبيت التربة وحمايتها من الانجراف بطرق زراعية محترفة ومدروسة والتكنولوجيا الجديدة منها طرق الزراعة المختلطة (بتكامل استخدام الأراضي للرعي والزراعة بما يسمح بإعادة تدوير أكثر كفاءة للمغذيات داخل النظام الزراعي، وكذلك بتكامل انتاج الزراعة والطاقة بتقنية الزراعة تحت ألواح الطاقة الشمسية”الفولتية-ضوئية”التى تقلل الانبعاثات وتُحسّن نمو المحاصيل الزراعية وتحمي التربة من التآكل وتحفظ المياه).

التعامل بفعالية وايجابية مع تغيرات المناخ(الجفاف والسيول) بممارسات إدارة تخزين المياه (بالاستمطار السحابي) ونقلها للآبار ومنع الجريان السطحي الذي ينقل التربة السطحية الرقيقة والخصبة والمحتفظة بالرطوبة، مع تحسين تغذية المياه الجوفية وتوفير احتياطي الماء خلال الجفاف.

اعتماج سبل عيش بديلة

واعتماد سبل عيش بديلة عن الاستخدام التقليدي للأراضي الجافة عن طريق الزّراعة المائيّة بتنمية الأحياء المائيّة في مزارع بدلاً من جمعها من بيئتها الطّبيعيّة وبذلك يمكن إنتاج الأسماك، والقشريات، والمركبات الصّناعيّة التي تنتجها الطّحالب الدّقيقة، واستخدام الدّفيئة الزّراعيّة، والاستزراع المائي في الأراضي الجافة تحت غطاء بلاستيكي مما يؤدي إلى تقليل التبخّر، وإعطاء الفرصة لاستخدام الماء المالح وقليل الملوحة بطريقة مثمرة.

ادماج الشباب والمشاركة المجتمعية في مكافحة التصحر بمجموعة من الحلول المتنوعة والمبتكرة وتعميق استخدامات تقنيات الزراعة الذكية مثل الزراعة العمودية والزراعة المائية لتقليل الاعتماد على التربة وتحسين الإنتاجية.

الاستعانة بمراكز البحوث الزراعية في البحث عن وتطوير سلالات نباتية تتحمل الظروف القاسية وقليلة الماء، مما يسهل استخدامها في المناطق المعرضة للتصحر مع تحفيز الاقتصاد الدائري لتعزيز إعادة تدوير الموارد واستخدام المنتجات الثانوية الزراعية كسماد عضوي أوغذاء للحيوانات بدلاً من التخلص منها.

استخدام تكنولوجيا الأقمار الصناعية لرصد تغييرات الأراضي والتحقق من فعالية البرامج المتبعة لمكافحة التصحر بشكل دوري وفعال.

تطوير البيئة التحتية الخضراء بالاستثمار

تطوير البنية التحتية الخضراء بالاستثمار في مشاريع البنية التحتية مثل إنشاء الحواجز النباتية والأشجار لحماية المناطق من الرياح والعوامل المناخية الأخرى التي تسهم في التصحر مع تعزيز السياحة البيئية المستدامة التي تدعم الحفاظ على البيئة وتساهم في التنمية الاقتصادية للمناطق المتأثرة بالتصحير.

بناء القدرات المؤسّسية للمزارعين والرّعاة للاستخدام الأمثل للأراضي الجافة للاستفادة من ميزاتها(لإشعاع الشّمسي، والشّتاء الدّافئ نسبياً، والمناطق البكر ذات الكثافة السّكانية المنخفضة)وتأمين وصول مشروعاتها إلى الأسواق، ونقل التّقنية اللازمة، واستثمار رأس المال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى